أعطت المفوضية الأوروبية الضوء الأخضر لمشروع منجم “مينا دو باروسو” الليثيوم المثير للجدل في شمال البرتغال، بعد أن خلصت إلى أنه لن يؤثر سلبًا على احتياطيات المياه. يأتي هذا القرار في ظل سعي الاتحاد الأوروبي لتأمين إمدادات المواد الخام الأساسية اللازمة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، وتعزيز استقلاليته في هذا المجال الحيوي.
تم تصنيف المشروع في الأصل على أنه “استراتيجي” في مارس الماضي، لكنه واجه ردود فعل عنيفة من الجمهور بسبب المخاوف البيئية، بالإضافة إلى تحديات قانونية أدت إلى تأخير تنفيذه. ومع ذلك، أجرت شركة سافانا ريسورسيز، الكونسورتيوم الأنجلو-البرتغالي المسؤول عن المشروع، تقييمًا للأثر البيئي للمنطقة، خاصة فيما يتعلق بموارد المياه.
أهمية مشروع الليثيوم في سياق أهداف الاتحاد الأوروبي
أكدت سافانا ريسورسيز أن التعديلات التي أدخلت على المشروع الأصلي، والتي تشمل إجراءات مراقبة وتخفيف الأثر على المياه السطحية والجوفية، قللت بشكل كبير من المخاطر المتعلقة بتوافر الموارد المائية. وأشارت الشركة إلى أن هذه الإجراءات تضمن عدم انتهاك المشروع لأهداف توجيهات الإطار المائي.
تشير التقديرات إلى أن المشروع يمكن أن ينتج ما يكفي من الليثيوم لتصنيع ما يقرب من 500 ألف حزمة بطاريات للسيارات الكهربائية سنويًا، وقد تصل هذه الكمية إلى مليون حزمة في بعض التقديرات. يأتي هذا في وقت يزداد فيه الطلب العالمي على الليثيوم بشكل كبير.
تتزامن هذه الخطوة مع أهداف الاتحاد الأوروبي الطموحة لزيادة إنتاج المواد الخام الرئيسية لبطاريات السيارات الكهربائية. بموجب قانون المواد الخام الحرجة لعام 2024 (CRMA)، تم تصنيف 34 مادة خام على أنها “حرجة” و 17 مادة على أنها “استراتيجية” لعمليات التحول الأخضر والرقمي، بالإضافة إلى الصناعات الدفاعية والفضائية.
أهداف قانون المواد الخام الحرجة
يهدف القانون إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: استخراج 10٪ من المواد الخام محليًا داخل الاتحاد الأوروبي، ومعالجة 40٪ منها داخل الاتحاد الأوروبي، وإعادة تدوير 25٪ من المواد الخام المستخدمة. يهدف هذا القانون إلى تقليل الاعتماد على المنتجين الأجانب، وخاصة الصين، وضمان تنويع الإمدادات اللازمة لتحقيق الصفقة الخضراء الأوروبية، والتي تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
في مارس من هذا العام، اختارت المفوضية الأوروبية بالفعل 47 مشروعًا “استراتيجيًا” في جميع أنحاء الكتلة و 13 مشروعًا خارجها، بعد الدعوة الأولى للشركات لتأمين إمدادات القارة من المواد الخام الحرجة.
خطة ReSourceEU والاستجابة للأزمات
أظهرت الأزمة الأخيرة المتعلقة بشركة تصنيع الرقائق Nexperia، والتي أدت إلى فرض الصين رسومًا جمركية على المعادن الأرضية النادرة وتعطيل قطاع السيارات الأوروبي، أهمية تأمين سلاسل الإمداد. بالتزامن مع ذلك، دفعت استراتيجية “أمريكا أولاً” التي تتبعها الولايات المتحدة المفوضية الأوروبية إلى تطوير استراتيجية جديدة لتقليل المخاطر، أُطلق عليها اسم ReSourceEU.
صرح ستيفان سيجورنيه، نائب رئيس المفوضية التنفيذية، بأنه “نحن بحاجة إلى وضوح بشأن مصادر الإمداد لدينا، والمخزونات، والتحديات، خاصة في وقت التوترات مع الصين. نحن بحاجة إلى تقييم مستوى التوتر في السوق”، مؤكدًا أن الحوار مع بكين “يبقى ضروريًا”.
تركز خطة ReSourceEU على مراقبة كل من استخراج ومعالجة المواد الخام، وتقليل مخاطر انقطاع الإمدادات، وتنويع المصادر، وإعادة التدوير، وتخزين المواد الاستراتيجية. تعتبر إعادة التدوير عنصراً أساسياً في هذه الخطة.
أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستفرض قيودًا على تصدير النفايات من المغناطيسات الدائمة وستفرض رسومًا جمركية على هذه المنتجات بهدف زيادة استخدام المواد المعاد تدويرها. كما ستقوم دول الاتحاد الأوروبي بإنشاء نظام شراء مشترك، مع توفير تمويل بقيمة 3 مليارات يورو لفتح مشاريع في المستقبل القريب.
أضاف سيجورنيه: “نتوقع تمويلًا إضافيًا من الدول الأعضاء. ستكون هناك دعوة لتعبئة أموال التماسك والدفاع كجزء من استراتيجيتنا لتقليل الاعتماديات”.
من المتوقع أن تعلن المفوضية الأوروبية عن سلسلة جديدة من المشاريع المتعلقة بالمواد الخام الحرجة في يناير القادم. ستراقب الأسواق عن كثب هذه التطورات، خاصة فيما يتعلق بتفاصيل التمويل والجدول الزمني لتنفيذ المشاريع الجديدة، بالإضافة إلى أي ردود فعل من الدول الأعضاء أو الشركات المعنية.






