رحّب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بتحسن العلاقات مع الصين، في وقت صعّد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت انتقاداته للهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي.
وقال مودي إنه يتطلع إلى زيارة الصين في وقت لاحق من هذا الشهر وبقاء الرئيس شي جين بينغ، وهي زيارته الأولى للبلاد منذ سبع سنوات. وكان مودي قد التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي يوم الثلاثاء في نيودلهي، في أول زيارة للأخير إلى الهند منذ ثلاث سنوات.
وكتب مودي على منصة “إكس”: “العلاقات بين الهند والصين حققت تقدماً ثابتاً، في إطار الاحترام المتبادل لمصالح كل طرف. العلاقات المستقرة والمتوقعة والبنّاءة بين الهند والصين ستُسهم بشكل كبير في السلام والازدهار على المستويين الإقليمي والعالمي”.
انتقادات أميركية وتهديدات بالرسوم
تعيد الهند معايرة سياستها الخارجية بشكل أكبر نحو الصين وأعضاء مجموعة “بريكس”، بعد أن هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بزيادة الرسوم، ما لم توقف نيودلهي استيراد النفط الروسي.
وقد ركز مسؤولون في إدارة ترمب انتقاداتهم على الهند، متهمين إياها بالمساعدة في تمويل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتقويض الجهود الأميركية لإنهاء النزاع.
بيسنت كثف الثلاثاء من حدة الانتقادات، قائلاً إن الهند “تربح بشكل غير مشروع” من مشتريات النفط. وأضاف في مقابلة مع “سي إن بي سي”: “لقد خططنا لزيادة الرسوم على الهند، هذه رسوم ثانوية بسبب شراء النفط الروسي الخاضع للعقوبات. إنهم يعيدون البيع، وحققوا 16 مليار دولار من الأرباح الإضافية، وهي أرباح تجنيها بعض أغنى العائلات في الهند”.
استهداف غير مباشر لموكيش أمباني
كما دافع بيسنت عن غياب الرسوم الثانوية على الصين، رغم أنها تشتري كميات أكبر من النفط الروسي، قائلاً إن الهند لم تبدأ بزيادة مشترياتها إلا بعد الحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا. وأوضح أن الصين كانت تستورد 13% من نفطها من روسيا قبل حرب 2022، وحالياً النسبة 16%، “ولذلك فإن للصين مزيجاً متنوعاً من مصادر النفط”.
هذه التصريحات عُدّت انتقاداً غير مباشر للملياردير الآسيوي الأغنى موكيش أمباني. فشركة “ريلاينس إندستريز” التابعة له، التي تدير أكبر مجمع لتكرير النفط في العالم غربي الهند، كانت من بين مشتري الخام الروسي عبر عقود طويلة الأجل.
دافعت الحكومة الهندية مراراً عن حقها في شراء النفط من أرخص مصدر، ووصفت تهديدات الولايات المتحدة بفرض رسوم أعلى بأنها “غير معقولة”. وكان مودي قد وصف نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ”الصديق” في اتصال هاتفي يوم الإثنين.
تعاون متجدد بين الهند والصين
اتفقت الهند والصين هذا الأسبوع في نيودلهي على تسهيل تدفقات التجارة والاستثمار الثنائية، واستئناف الرحلات الجوية المباشرة، ومعالجة المزيد من طلبات التأشيرات لتعزيز التبادلات بين شعبي البلدين الأكثر سكاناً في العالم، بحسب بيان من وزارة الخارجية في بكين.
كما أكدت الصين للهند أنها ستؤمّن إمدادات من معادن الأرض النادرة والأسمدة وآلات حفر الأنفاق، وفق ما قال مسؤول هندي للصحفيين طالباً عدم الكشف عن هويته لأن المحادثات خاصة.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الهندية إن الطرفين أجريا تبادلاً “صريحاً” حول قضايا الحدود التي أدت إلى تدهور العلاقات عقب الاشتباك الدموي عام 2020. وأكدا التزامهما “بالحفاظ المشترك على السلام والهدوء في مناطق الحدود من خلال مشاورات ودية”.
وقال مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال، الذي التقى وانغ، يوم الثلاثاء: “أنا سعيد جداً بأنه خلال الأشهر التسعة الماضية كان هناك اتجاه صاعد في العلاقات الثنائية. الحدود كانت هادئة، وكان هناك سلام وهدوء”.
ضغوط من سياسة ترمب التجارية
جهود تحسين العلاقات الهندية – الصينية اكتسبت زخماً جديداً في ضوء سياسة ترمب التجارية. فقد فرض الرئيس الأميركي رسوماً جمركية بنسبة 25% على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، وهدد بمضاعفتها إلى 50% بحلول 27 أغسطس لمعاقبة نيودلهي على مشترياتها من النفط الروسي.
في هذا الإطار، خففت بكين القيود على صادرات اليوريا، فيما أعادت نيودلهي العمل بتأشيرات السياحة للمواطنين الصينيين، وسعت شركات هندية متزايدة إلى شراكات مع شركات صينية تشمل صفقات لنقل التكنولوجيا، بحسب ما أفادت “بلومبرغ”.
ورغم أجواء الانفراج، تبقى قضايا شائكة، أبرزها علاقة الصين الوثيقة مع باكستان، الجارة والخصم التقليدي للهند.
فقد أعلنت بكين أن وانغ سيتوجه إلى باكستان يوم الأربعاء. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ في مؤتمر صحافي دوري ببكين: “سياستنا هي تطوير علاقات ودية وتعاونية مع كل من الهند وباكستان”.
وأضافت أن الصين تأمل أن يتمكن البلدان من إيجاد “حل مناسب”، مؤكدة أن بكين “مستعدة للقيام بدور إيجابي”.