حافظت أسعار النفط على زخمها الصاعد لليوم الخامس على التوالي، مدفوعة بتفاعل مع التوترات الجيوسياسية المتزايدة وتقارير حول مستويات المخزونات العالمية. يتداول خام برنت حاليًا بالقرب من 62 دولارًا للبرميل، بينما تجاوز خام غرب تكساس الوسيط حاجز 58 دولارًا. يأتي هذا الارتفاع في ظل حالة من عدم اليقين بشأن الإمدادات، خاصة مع تطورات جديدة في فنزويلا وروسيا.

تتصاعد التوترات في فنزويلا، حيث تسعى الولايات المتحدة لاستعادة ناقلة نفط ثالثة قبالة سواحل البلاد. يمثل هذا التصعيد ضغطًا إضافيًا من إدارة الرئيس ترمب على حكومة نيكولاس مادورو، في إطار جهود أوسع للحد من نفوذها في المنطقة. في الوقت نفسه، تشهد كميات النفط الخام الروسي المتراكمة في البحر ارتفاعًا ملحوظًا، حيث زادت بنسبة 48% منذ نهاية أغسطس، مما يثير قلقًا بشأن تأثير العقوبات المحتملة.

تأثير التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط

تساهم التوترات الجيوسياسية الحالية في دعم أسعار النفط، حيث يخشى المتداولون من حدوث اضطرابات محتملة في الإمدادات. التحركات الأمريكية في فنزويلا تثير مخاوف لدى شركات الشحن والمشترين، الذين يخشون من استهداف شحنات النفط الروسي أيضًا. هذه المخاوف تزيد من حالة عدم اليقين في السوق، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع.

مخزونات النفط الأمريكية وتأثيرها

على صعيد آخر، أظهرت التقارير ارتفاعًا في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بمقدار 2.4 مليون برميل الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى زيادة في مخزونات البنزين والمشتقات النفطية. من المقرر نشر البيانات الرسمية في 29 ديسمبر، بعد إعلان الرئيس ترمب ليوم عطلة رسمية أدى إلى تأجيل النشر المعتاد. هذا الارتفاع في المخزونات يمثل ضغطًا هبوطيًا على الأسعار، ولكنه لم يكن كافيًا لتعويض تأثير العوامل الجيوسياسية.

توقعات السوق وانخفاض الأسعار السنوي

من المتوقع أن يشهد العام الحالي انخفاضًا حادًا في أسعار النفط، حيث من المقرر أن تسجل خسارة سنوية تقدر بحوالي 16%، وهي أكبر نسبة انخفاض منذ عام 2020. يعزى هذا الانخفاض إلى توقعات بتجاوز العرض الطلب، مما قد يؤدي إلى فائض كبير في السوق، خاصة في أوائل العام المقبل. ومع ذلك، فإن المخاوف بشأن اضطرابات الإمدادات من روسيا وفنزويلا، وهما من الدول الأعضاء في تحالف “أوبك+”، ساهمت في استقرار الأسعار مؤخرًا.

أشارت منظمة أوبك في تقاريرها الأخيرة إلى استقرار نمو الطلب على النفط للعامين الحالي والمقبل، مما يوفر بعض الدعم للسوق. لكن هذا النمو قد لا يكون كافيًا لامتصاص الفائض المتوقع في الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، فإن حجم التداول في الأسواق الآسيوية كان أقل من المعتاد خلال الساعات القليلة الماضية، مما قد يؤثر على تقلبات الأسعار.

صرح غاو جيان، المحلل في شركة تشيشنغ للعقود الآجلة، بأن “العلاوات الجيوسياسية لم يتم استيعابها بالكامل بعد، في ظل وجود عوامل إيجابية متعددة”. وأضاف أن المكاسب المحتملة قد تكون محدودة بسبب توقعات الفائض في أوائل العام المقبل. هذا يشير إلى أن السوق لا تزال حذرة، وتنتظر المزيد من الوضوح بشأن تطورات العرض والطلب.

من الجدير بالذكر أن التداول سينتهي مبكرًا يوم الأربعاء، وستكون الأسواق مغلقة يوم الخميس. هذا الانخفاض في النشاط التجاري قد يحد من التقلبات في المدى القصير.

في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التذبذب في المدى القصير، مدفوعة بتفاعل مع التطورات الجيوسياسية وبيانات المخزونات. سيراقب المستثمرون عن كثب البيانات الرسمية لمخزونات النفط الأمريكية في 29 ديسمبر، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في فنزويلا وروسيا. يبقى مستقبل سوق النفط غير مؤكد، ويتوقف على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك قرارات أوبك+، والوضع الاقتصادي العالمي، والتطورات الجيوسياسية المستمرة. كما أن تطورات أسعار الطاقة بشكل عام ستكون ذات تأثير كبير على هذه السوق.

شاركها.