صوّت البرلمان النرويجي لصالح تعليق العمل بآلية سحب الاستثمارات لأسباب أخلاقية من قبل صندوق الثروة السيادي البالغ حجمه 2.1 تريليون دولار، في إطار إعادة صياغة لقواعده، في خطوة تشكّل تحوّلاً تاريخياً في نهج أكبر مُستثمر في العالم، وتثير تساؤلات جوهرية بشأن التزامه بمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة.

اقرأ أيضاً: ما هو صندوق الثروة الأكبر في العالم.. وكيف يضغط لصالح فلسطين؟

اعتمدت حكومة حزب العمال في أوسلو على دعم المعارضة المحافظة لتمرير القرار الذي سيسمح للصندوق بالاحتفاظ بحصصه في شركات كبرى مثل “مايكروسوفت” و”أمازون” وغيرها من عمالقة التكنولوجيا، في وقت كانت القواعد السابقة قد تلزم الصندوق بالتخارج منها بسبب ارتباطها بالحرب الإسرائيلية في غزة.

تعليق عمل مجلس الأخلاقيات في سابقة تاريخية

هذه المرة الأولى في تاريخ صندوق الثروة السيادي التي تعلّق فيها النرويج عمل مجلس الأخلاقيات، ما يُمهدّ لمرحلة جديدة بالنسبة للكيان الاستثماري الذي يمتلك حصصاً في أكثر من 8500 شركة حول العالم، ويتابع تحركاته مديرو الأصول في مختلف أصقاع الأرض.

وقالت سيسيلي هيليستفيت، وهي واحدة من أعضاء مجلس الأخلاقيات الخمسة، إن دور الهيئة الاستشارية أصبح موضع تساؤل. وأضافت في تصريح لبلومبرغ: “إذا تم تعليق عملنا المعتاد، فسيكون لذلك عواقب بلا شك. لكن من غير الواضح مدى حجمها أو نوعها”.

غضب واشنطن بعد التخارج من شركات مرتبطة بإسرائيل

كانت قرارات سابقة اتخذها صندوق الثروة السيادي استناداً إلى توصيات مجلس الأخلاقيات أثارت استياء واشنطن. ففي أغسطس الماضي، استبعد الصندوق شركة “كاتربيلر” من محفظته، بسبب تزويدها إسرائيل بجرافات استُخدمت لاحقاً في الأراضي الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: السيادي النرويجي يستبعد “كاتربيلر” من استثماراته بسبب صلات مع إسرائيل

وسارع عدد من كبار الشخصيات الجمهورية إلى الرد، مطالبين بفرض قيود على تأشيرات مسؤولي الصندوق، ودعوا إلى فرض رسوم عقابية إضافية على النرويج، إلى جانب التعرفة الجمركية البالغة 15% التي فرضتها إدارة ترمب سابقاً.

وقالت إنغريد فيسكا، عضو البرلمان عن حزب اليسار الاشتراكي، إن النواب الذين أيدوا تعليق عمل مجلس الأخلاقيات كانوا “من دون شك” مدفوعين بـ”الخوف من ردود فعل ترمب”.

إعادة رسم صلاحيات الصندوق

تدير “نروجيس بنك إنفستمنت مانجمنت” (Norges Bank Investment Management) صندوق الثروة السيادي بموجب تفويض من البرلمان النرويجي، يشمل إرشادات أخلاقية تتناول قضايا تمتد من الألغام الأرضية إلى تغيّر المناخ. ويتولى مجلس الأخلاقيات مراجعة المحفظة بشكل مستمر، ويقدم توصيات بشأن استبعاد بعض الشركات أو وضعها تحت المراقبة.

وعندما صوّت البرلمان يوم الثلاثاء على تعليق عمل المجلس، قرر أيضاً إعادة النظر في تفويض الصندوق، وذلك بعد سلسلة من النقاشات الحادة حول دور هذا الكيان الاستثماري في ظل التوسع المستمر لأصوله.

تحالف حزب العمال مع اليمين يعلّق عمل مجلس الأخلاقيات

نجح حزب العمال الحاكم، الذي يقود الحكومة بمفرده، في تمرير قرار تعليق عمل مجلس الأخلاقيات بعد انضمام قوى المعارضة اليمينية إليه لتأمين الأغلبية البرلمانية، في حين عارضت معظم أحزاب اليسار التقليدية المتحالفة معه هذا التوجّه.

وكان وزير المالية ينس ستولتنبرغ، الأمين العام السابق لحلف الناتو، قد طالب الشهر الماضي بمراجعة إرشادات الصندوق. وقال في تصريحات أدلى بها لهيئة الإذاعة العامة “NRK” مساء الثلاثاء إن “الاعتبارات الأخلاقية ستظل سارية” في قرارات الصندوق الاستثمارية رغم تعليق عمل المجلس.

تقرير أممي ينتقد شركات أميركية لارتباطها بالاقتصاد الإسرائيلي 

في يوليو الماضي، نشرت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقريراً أشارت فيه إلى شركات أميركية كبرى، بينها “ألفابت” و”أمازون” و”مايكروسوفت” و”بالانتير تكنولوجيز” (Palantir Technologies Inc)، على خلفية اتخراطها في الاقتصاد الإسرائيلي، في ظل مزاعم بارتكاب جرائم فصل عنصري وجرائم حرب وإبادة جماعية في تعامل إسرائيل مع الأراضي الفلسطينية، وردّها على هجوم حركة “حماس” في 7 أكتوبر.

وبعد صدور التقرير، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ألبانيزي.

شاركها.