أعلنت المملكة المتحدة وأستراليا وكندا والبرتغال اليوم الأحد اعترافها رسمياً بدولة فلسطين، رغم معارضة إسرائيل التي تشن حرباً على قطاع غزة منذ ما يقرب من عامين. 

الإعلان البريطاني جاء على لسان رئيس الوزراء كير ستارمر في خطاب مباشر شدد خلاله أيضاً على أن حركة “حماس” لا يجب أن يكون لها دور في حكم قطاع غزة. وقال ستارمر “اليوم، ومن أجل إحياء الأمل في السلام للفلسطينيين والإسرائيليين، وحل الدولتين، تعترف المملكة المتحدة رسمياً بدولة فلسطين”. وتابع بالقول “حلّ الدولتين خطوة عملية لتوحيد شعوب المنطقة”.

قال رئيس الوزراء البريطاني في يوليو الماضي إن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروّع في غزة. ودعا إسرائيل إلى “الالتزام بتحقيق سلام مستدام طويل الأمد، بما في ذلك السماح الفوري للأمم المتحدة باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في غزة لإنهاء المجاعة، والموافقة على وقف إطلاق النار”، كما شدد على ضرورة “توضيح أنه لن تكون هناك عمليات ضم في الضفة الغربية”.

وقال ستارمر إن الوضع في غزة تفاقم بشكل خطير خلال الأسابيع الأخيرة، وأصبح “لا يُطاق”، في وقت تواصل فيه إسرائيل عمليتها البرية طويلة الأمد هناك، عقب أسابيع من الغارات الجوية.

 

قد يهمك أيضاً: أوروبا أمام اختبار صعب بين مقاطعة إسرائيل أو مصالحها الدفاعية

المزيد من الدول تعتزم الاعتراف بفلسطين 

تنضم بذلك الدول الثلاث إلى أكثر من 140 دولة عضواً في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين. وأعلنت عدد من الدول، من بينها فرنسا وبلجيكا، اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين بشكل رسمي خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر انعقاده في نيويورك في وقت لاحق هذا الأسبوع.

وأكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن بلاده اعترفت رسمياً بدولة فلسطينية. وذكر ألبانيزي، في بيان مشترك مع وزيرة الخارجية بيني وانج، أن اعتراف أستراليا إلى جانب كندا والمملكة المتحدة بفلسطين يأتي في إطار جهد لإحياء زخم حل الدولتين الذي “يبدأ بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين هناك”. وأضاف البيان أن حركة “حماس” يجب ألا يكون لها أي دور في فلسطين.

من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده تعترف الآن بدولة فلسطينية. وقال كارني، في بيان: “تعترف كندا بدولة فلسطين وتعرض شراكتها في بناء مستقبل سلمي واعد لكل من دولة فلسطين ودولة إسرائيل”.

وأضاف كارني أنه يتعين على حماس إطلاق سراح جميع المحتجزين ونزع سلاحها وعدم القيام بأي دور في الحكم. وأشار كارني إلى أن اعتراف بلاده بدولة فلسطين يأتي ضمن جهد دولي منسق لتحقيق حل الدولتين.

اقرأ أيضاً: “حماس” توافق على تشكيل إدارة مستقلة من التكنوقراط لقطاع غزة

خطوة إلى السيادة والاستقلال

رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتحرك للاعتراف بدولة فلسطينية، قائلاً إنه “سيفتح المجال أمام تنفيذ حل الدولتين لتعيش دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل بأمن وسلام وحسن جوار”.

من جانبها، قالت فارسين أغابكيان شاهين وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إن الدول التي اعترفت بدولة فلسطينية هذا الأسبوع تتخذ خطوة لا رجعة فيها تحافظ على حل الدولتين وتجعل الاستقلال والسيادة الفلسطينية أكثر قرباً، بحسب وكالة رويترز.

وأضافت “هي خطوة تجعلنا نقترب من (حلم) السيادة والاستقلال. ربما لا تفضي إلى إنهاء الحرب (الإسرائيلية على غزة) غدا لكنها خطوة إلى الأمام. ونحن بحاجة إلى البناء عليها”.

من جانبه، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غضبه على خطط الاعتراف بفلسطين، قائلاً في بيان “لدى رسالة واضحة إلى القادة الذين يعترفون بدولة فلسطينية.. إنكم بذلك تكافئون الإرهاب مكافأة كبيرة.وأضاف “لديّ رسالة أخرى لكم: هذا لن يحدث. لن تقام دولة فلسطينية غربي نهر الأردن”.

وفي وقت لاحق، أعلن  وزير الخارجية البرتغالي باولو رانجيل اعتراف بلاده بدولة فلسطين، مشيراً إلى تأييد بلاده لحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإحلال سلام دائم. 

الجهد السعودي الفرنسي

رغم أن قرار المملكة المتحدة كان متوقعاً، خاصة بعد فشل إسرائيل في تلبية الشروط التي حددها ستارمر في يوليو، فإن المسؤولين البريطانيين انتظروا إلى ما بعد الزيارة الرسمية الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب لتجنب مواجهة سياسية مباشرة. وكان ترمب قد أشار إلى وجود “خلاف” مع ستارمر بشأن هذا الاعتراف، لكنه لم يطلب منه التراجع عن قراره.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، تُجري مشاورات مكثفة خلف الكواليس لتقليل تداعيات القرار مع واشنطن. وأكد مسؤول كندي أن حكومة بلاده أجرت “تبادلاً كبيراً للأفكار والمواقف” مع الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، مشيراً إلى أن موقف كندا بات مفهوماً جيداً لدى الأميركيين، وأن الهدف المشترك هو تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

يأتي ذلك في وقت تتصدر فيه السعودية وفرنسا جهود الاعتراف بدولة فلسطين. ومن المقرر أن يشارك البلدان في رئاسة مؤتمر حول حل الدولتين يوم الإثنين في نيويورك، حيث من المتوقع أن يتحدث كارني. 

اقرأ أيضا: مؤتمر “حل الدولتين” برئاسة السعودية وفرنسا.. نقطة تحول نحو إقامة الدولة الفلسطينية

كما رحبت السعودية الأحد باعتراف الدول الأربع بالدولة الفلسطينية، مشيرة في بيان لوزارة الخارجية إلى أن تلك الخطوة تؤكد على “الالتزام الجاد من الدول الصديقة بدعم مسار السلام والدفع باتجاه حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”.

 

 

وأضاف بيان الخارجية المنشور على موقع (إكس) إلى أن المملكة تتطلع إلى اعتراف المزيد من الدول بدولة فلسطين واتخاذها المزيد من الخطوات الإيجابية بما يسهم في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بالعيش بسلام على أرضه، ويمكن السلطة الفلسطينية من القيام بواجباتها نحو مستقبل يسوده الأمن والاستقرار والازدهار للشعب الفلسطيني. 

تاريخ حل الدولتين

يعود دور الأمم المتحدة في حل الدولتين إلى تصويت الجمعية العامة عام 1947 لتقسيم فلسطين إلى دولتين، يهودية وعربية، في ظل الانتداب البريطاني آنذاك. وقد أفضت العقود اللاحقة من الصراع إلى اتفاقيات أوسلو التي انطلقت مطلع التسعينيات، والتي مهّدت للاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ووضعت أساساً لخطة إقامة دولة فلسطينية.

يُذكر أن نتنياهو نفسه كان قد أقرّ بفكرة إقامة دولة فلسطينية في خطاب ألقاه عام 2009، وقال أمام الكونغرس الأميركي في 2011 إن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون “كبيرة بما يكفي لتكون قابلة للحياة، مستقلة ومزدهرة”.

وبحسب تقرير صادر عن بلومبرغ اليوم، فإن الحكومة الإسرائيلية تراجعت عن هذا المسار خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية، بدعوى رفض الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، بينما اتجهت إسرائيل نحو مزيد من التوجه اليميني، مع تكثيف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ما جعل إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أكثر بعداً من أي وقت مضى.

شاركها.