أعلنت المملكة المتحدة عن توقيع اتفاقية تجارة حرة جديدة مع كوريا الجنوبية، في خطوة تهدف إلى تعزيز الصادرات البريطانية ودعم النمو الاقتصادي. يأتي هذا الاتفاق بعد مفاوضات مكثفة ويهدف إلى الحفاظ على علاقات تجارية قوية بين البلدين في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ووفقًا للحكومة البريطانية، فإن الاتفاقية ستفيد قطاعات متنوعة، بدءًا من السيارات الفاخرة وصولًا إلى المشروبات الروحية.
وقّع وزير التجارة البريطاني كريس براينت والوزير الكوري الجنوبي يو هان كو الاتفاقية في لندن يوم الاثنين. يهدف هذا الاتفاق إلى تجنب أي تعطيل في التجارة بين البلدين بعد انتهاء اتفاقية الرسوم الجمركية المؤقتة التي كانت سارية منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتعتبر كوريا الجنوبية شريكًا تجاريًا مهمًا للمملكة المتحدة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 15.1 مليار جنيه إسترليني في العام المنتهي في يونيو 2025.
تعزيز الصادرات البريطانية من خلال اتفاقية التجارة الحرة
تتوقع وزارة التجارة البريطانية أن تزيد هذه اتفاقية التجارة الحرة من صادرات الخدمات البريطانية بحوالي 400 مليون جنيه إسترليني. ستتمكن الشركات البريطانية من الوصول بشكل أفضل إلى السوق المالية الكورية الجنوبية، بالإضافة إلى تسهيل تصدير منتجات مثل سيارات “بنتلي” الفاخرة، ومشروب “غينيس” من شركة “دياجيو”، وسمك السلمون الاسكتلندي. وأكد رئيس الوزراء كير ستارمر أن الاتفاقية ستساهم في تعزيز الاقتصاد ودعم الوظائف والنمو في جميع أنحاء البلاد.
تأثير محدود على النمو الاقتصادي العام
على الرغم من أهمية الاتفاقية، يرى خبراء اقتصاديون أنها قد لا توفر دفعة كبيرة للناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة. تواجه البلاد حاليًا تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك خطر الانكماش الفصلي الأول منذ تولي حزب العمال السلطة في يوليو 2024. وقد أظهرت البيانات الرسمية تراجعًا في النمو خلال شهر أكتوبر، وهو الشهر الثاني على التوالي الذي يشهد انخفاضًا.
مكسب سياسي في ظل الضغوط الاقتصادية
يمثل هذا الاتفاق انتصارًا سياسيًا محدودًا لرئيس الوزراء ستارمر، الذي يسعى جاهدًا لتحقيق نمو اقتصادي مستدام. يأتي هذا الإنجاز في وقت يتعرض فيه ستارمر لانتقادات بسبب كثرة زياراته الخارجية، بينما يرى البعض أن الساحة الدولية كانت مسرحًا لبعض أبرز نجاحاته، مثل الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والمساهمة في تنسيق الموقف الأوروبي تجاه الحرب في أوكرانيا. وتعتبر اتفاقيات التجارة الدولية جزءًا من استراتيجية الحكومة لتعزيز مكانة بريطانيا التجارية بعد “بريكست”.
تفاصيل الاتفاقية وتحديث قواعد المنشأ
في عام 2023، اتفقت بريطانيا وكوريا الجنوبية على تمديد اتفاقية مؤقتة لمدة عامين، أبقت الرسوم الجمركية منخفضة أو ألغتها على صادرات بريطانية بقيمة ملياري جنيه إسترليني، وذلك ريثما يتم التفاوض على اتفاق أوسع. تضمن الاتفاق الجديد إزالة الرسوم الجمركية على 98% من بنود التعريفة الجمركية، وهي نفس الشروط التي يتمتع بها الاتحاد الأوروبي مع كوريا الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، تم تحديث قواعد المنشأ، مما يمنح المصنعين البريطانيين مرونة أكبر في استيراد المواد والمكونات من الخارج. فقد تم تخفيض نسبة القيمة المضافة المطلوبة من المملكة المتحدة من 55% إلى 25%.
تبسيط الإجراءات التجارية الرقمية
تتضمن اتفاقية التجارة أيضًا تسهيلات لاستخدام العقود الإلكترونية والتقنيات الرقمية الأخرى، مما يهدف إلى تسريع وتخفيض تكلفة بيع المنتجات البريطانية في كوريا الجنوبية. هذا التبسيط يتماشى مع جهود الحكومة البريطانية لتعزيز التجارة الإلكترونية وتسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية للشركات الصغيرة والمتوسطة.
في المستقبل، تخطط الحكومة البريطانية لمواصلة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية للصحة العامة والزراعية، بهدف تقليل الأعباء التجارية على المنتجات الزراعية. كما تشير التقارير إلى أن اتفاقية تجارة حرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي باتت قريبة من الاكتمال. من المهم مراقبة التقدم المحرز في هذه المفاوضات وتقييم تأثيرها على الاقتصاد البريطاني.






