وجهت المفوضية الأوروبية اتهامات مباشرة لقوات الدعم السريع بفرض حصار على مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور السودانية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى مئات الآلاف من المدنيين المحتاجين. يأتي هذا الاتهام في ظل تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية داخل المدينة، حيث يخشى المجتمع الدولي من وقوع كارثة وشيكة بسبب نقص الغذاء والدواء. وتعتبر الفاشر حالياً نقطة ارتكاز رئيسية للأزمة الإنسانية في السودان.
المفوضية الأوروبية تتهم الدعم السريع بحصار الفاشر
أعلنت المفوضية الأوروبية أن القيود التي تفرضها قوات الدعم السريع على وصول قوافل المساعدات تمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني. وشددت المفوضية على أن جميع أطراف النزاع ملزمة بتسهيل عمليات إيصال المساعدة للمدنيين دون أي عوائق، مشيرةً إلى أن استهداف الإغاثة يعتبر جريمة حرب. وتواجه الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية والأدوية صعوبات كبيرة في عبور نقاط التفتيش التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، مما يعيق وصول المساعدات إلى المحتاجين.
السياق الاستراتيجي للفاشر في صراع دارفور
تكمن أهمية هذه القضية في الأهمية الاستراتيجية لمدينة الفاشر. منذ بدء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، أصبحت الفاشر معقلاً رئيسياً للجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه، وهي آخر المدن الكبرى في دارفور التي لا تزال تحت سيطرتهم. وقد أدى ذلك إلى تحويل المدينة إلى هدف عسكري رئيسي وجذب أعداداً هائلة من النازحين الفارين من القتال في المناطق المجاورة، مما فاقم من الضغوط على الموارد المحدودة.
تزايد أعداد النازحين والضغط على الموارد
ارتفع عدد النازحين إلى الفاشر بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، حيث تتجاوز أعدادهم قدرة المدينة على الاستيعاب. ويعيش العديد من هؤلاء النازحين في مخيمات مكتظة مثل مخيم زمزم، حيث تدهورت الظروف المعيشية بشكل مريع. وتقارير إنسانية تشير إلى أن المخيمات تعاني من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض وسوء التغذية.
تداعيات الحصار على الأوضاع الإنسانية
إن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفاشر لا يقتصر على نقص الغذاء فحسب، بل يهدد بانهيار كامل للخدمات الأساسية. يشهد قطاع الصحة في المدينة شللاً تاماً تقريباً بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى توقف عمل العديد من المستشفيات والمراكز الصحية. كما أن نقص الوقود يعيق عمل مولدات الكهرباء، مما يؤثر على عمل المستشفيات ومحطات المياه.
وحذرت منظمات أممية، بما في ذلك التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، من أن الفاشر قد تكون على شفا مجاعة كارثية. وتشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف من الأشخاص يواجهون خطر الموت جوعاً إذا لم يتم توفير المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. الوضع يزداد سوءاً مع استمرار القتال وتقييد الوصول إلى المدينة.
ردود الفعل الدولية والمسؤولية القانونية
أثار اتهام المفوضية الأوروبية ردود فعل واسعة النطاق على المستوى الدولي، حيث دعت العديد من الدول والمنظمات إلى فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى الفاشر. وتتزايد الدعوات إلى فرض عقوبات دولية على الأفراد والكيانات المسؤولة عن عرقلة المساعدات الإنسانية، ومحاسبتهم على جرائم الحرب المحتملة. تعتبر جريمة التجويع وسيلة محظورة من وسائل الحرب بموجب القانون الدولي.
يضاف إلى ذلك، أن هناك تياراً دولياً متنامياً يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني التي ارتكبت في السودان. ويهدف هذا التحقيق إلى جمع الأدلة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
في الختام، تشكل الأزمة الإنسانية في الفاشر تحدياً كبيراً للمجتمع الدولي، ويتطلب استجابة سريعة ومنسقة. من المتوقع أن تقوم الأمم المتحدة بتكثيف جهودها الدبلوماسية للضغط على أطراف النزاع للسماح بوصول المساعدات. ومع ذلك، تبقى التحديات كبيرة، وتشمل ضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني وتوفير التمويل الكافي لعمليات الإغاثة. من الأهمية بمكان مراقبة تطورات الوضع في الفاشر عن كثب، وتقييم تأثير أي إجراءات متخذة من قبل المجتمع الدولي.


