وقّع نادي الرجاء الرياضي، أحد أكبر أندية كرة القدم في المغرب وأكثرها تتويجاً في القارة الأفريقية، وجمعية “موانئ من أجل التأثير” التابعة لشركة “مرسى المغرب” (Marsa Maroc) اتفاقيةً استثماريةً ستمتلك بموجبها الشركة حصة 60% في شركة النادي، في أول تجربة من نوعها في المملكة.
تُمثل الاتفاقية باكورة مشاريع تحويل أندية كرة القدم في البلاد من جمعيات إلى شركات تفتح رأسمالها لمستثمرين من القطاع الخاص بهدف ضمان تمويل مستدام وتسيير مستقر.
الاتفاق جرى توقيعه السبت بمدينة الدار البيضاء، وبموجبه ستقوم “مرسى المغرب”، وهي أكبر مشغل للمحطات المينائية في البلاد، بضخ استثمار بنحو 150 مليون دولار (16.5 مليون دولار) على مدى ثلاث سنوات. فيما ستُساهم جمعية نادي الرجاء الرياضي في رأسمال شركة “الرجاء” بحصة تناهز 100 مليون درهم.
منذ سنوات، حث الاتحاد المغربي لكرة القدم الأندية على التحول من الإدارة القائمة على الجمعيات الرياضية إلى الشركات الرياضية، بموجب قانون صدر عام 2011 بهدف تحسين نظام الحوكمة وتحقيق الاستقرار في الإدارة وفتح المجال للمستثمرين لضمان مصادر تمويل جديدة. وسارعت أغلب الأندية إلى تأسيس الشركات لكنها بقيت غير مفعلة.
تجربة نادي الرجاء
فوزي لقجع، رئيس الاتحاد، قال في تصريح صحفي، عقب توقيع الاتفاقية، إن “هذه الشراكة الاستراتيجية تُشكل لحظةً فارقةً بالنسبة لنادي الرجاء البيضاوي، بل وأيضاً لكرة القدم الوطنية برمتها”، وأشار إلى أن “هذه التجربة تقدم نموذجاً للتحول الهيكلي والإداري في المشهد الرياضي.
اقرأ أيضاً: المغرب يدشن خطة تحويل الأندية الرياضية إلى شركات استثمارية
تأسس فريق الرجاء عام 1949، وفي سجله حتى الآن 13 لقباً في البطولة الوطنية آخرها العام الماضي، وثلاثة ألقاب في دوري أبطال أفريقيا، ولقبين في دوري أبطال العرب، وثلاثة ألقاب في كأس الكونفدرالية الأفريقية.
تُمثل خطوة تفعيل الشركة الرياضية للرجاء مرحلةً مهمةً في تطور إدارة أندية كرة القدم في المغرب لتكون متوافقة مع المعايير الدولية. إذ بموجب هذا التحول ستعين شركة “مرسى المغرب رئيساً لشركة الرجاء سيكون مكلفاً بتدبير الأنشطة المرتبطة بالتسيير والتطوير المؤسساتي، فيما سيظل الجانب المتعلق بالحكامة الرياضية من اختصاص جمعية نادي الرجاء.
قبل توقيع اتفاقية الاستثمار، جرى تقييم أصول النادي بنحو 510 ملايين درهم، تشمل اللاعبين المحترفين بنحو 80 مليون درهم، والعلامة التجارية بنحو 150 مليون درهم، والأكاديمية بـ280 مليون درهم. وهي أول عملية تقييم لقيمة نادي كرة قدم في المملكة.
عدم استقرار إداري وأزمة مالية
جواد الزيات، رئيس نادي الرجاء الرياضي، قال إن “المرحلة الجديدة التي دشنها النادي ستُكسر دوامة عدم الاستقرار التي سادت السنوات الأخيرة، وبناء إطار تدبيري مستدام لخدمة المشروع الرياضي”.
عانى الرجاء، وهو من أعرق الأندية الرياضية في المملكة، من عدم استقرار رؤسائها خلال السنوات الماضية، وقد أدّت الخلافات إلى تغيير سنوي لرؤسائها، وهو أثر على الأداء الرياضي للنادي، وأدخل إدارته في أزمة مالية خانقة.
اقرأ أيضاً: كيف رسخ القطاع الخاص مكانة المغرب بين عمالقة كرة القدم عالمياً؟
تُعتبر “مرسى المغرب” أحد أقدم رعاة النادي حيث بدأت دعم الفريق منذ عام 1987. تمتلك الدولة حصةً مباشرةً تناهز 25% في رأسمال الشركة المُدرَجة في البورصة، وتحتل المرتبة السادسة كأكبر شركة من حيث القيمة السوقية بنحو 66.4 مليار درهم.
الشركة قالت في بيان صحفي إن “توقيع الاتفاق لا يندرج ضمن منطق الربحية المالية، بل تعكس نهجاً مسؤولاً للمساهمة في إعادة بناء النادي”، والتزمت بإعادة استثمار أي أرباح تحققها من شركة الرجاء.
قد يهمك: ما هي مشاريع المغرب لاستضافة كأس العالم 2030؟
يرجح أن يخطو نادي الوداد الرياضي، وهو غريم الرجاء، نفس الخطوة، في حال قرر “البنك الشعبي”، ثاني أكبر مصرف في المملكة، التحول من راعٍ رسمي إلى مستثمر مؤسساتي في شركته الرياضية. ويُرشح أن تتحرك الأندية في المدن الكبرى في نفس المسار، على رأسها مدن أكادير وفاس وطنجة، وذلك قبيل استضافة البلاد لكأس العالم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال.