أعلن البنك المركزي التركي عن خططه لزيادة حجم محفظته من السندات الحكومية بشكل كبير بحلول عام 2026، في خطوة تهدف إلى تعزيز إدارة السيولة بالليرة التركية. وتأتي هذه الخطوة في ظل جهود مستمرة للبنك للسيطرة على التضخم وتحقيق الاستقرار المالي. وتشير التقديرات إلى أن المحفظة ستصل إلى 450 مليار ليرة تركية، أي ما يعادل حوالي 10.5 مليار دولار أمريكي، مقارنةً بـ 262.3 مليار ليرة تركية حاليًا.
يهدف البنك المركزي من خلال هذه الزيادة إلى توفير المزيد من الأدوات المرنة للتعامل مع تقلبات السوق وتلبية احتياجات البنوك من السيولة. وقد بدأ البنك بالفعل في زيادة حيازاته من السندات الحكومية هذا العام، حيث قام بشراء ما يقارب 124 مليار ليرة تركية، وذلك استجابةً لضغوط السيولة التي أعقبت بعض الأحداث السياسية والاقتصادية.
تعزيز إدارة السيولة من خلال السندات الحكومية
تعتبر عمليات السوق المفتوحة، والتي تشمل شراء وبيع السندات الحكومية، من الأدوات الرئيسية التي يستخدمها البنك المركزي للتأثير على السيولة في النظام المصرفي وأسعار الفائدة. وتساعد هذه العمليات على تقليل الفجوة بين أسعار الفائدة في السوق وأسعار الفائدة الرسمية التي يحددها البنك المركزي.
وفقًا للبنك المركزي، فإن هذه المشتريات تُنفذ بشكل خاص عندما يكون هناك نقص مستمر في السيولة. وتسمح هذه الآلية للبنك بضخ الأموال في الاقتصاد بطريقة مُحكمة ومُستهدفة، مما يساهم في استقرار الأسواق المالية.
تأثيرات الزيادة على الاقتصاد التركي
يرى الخبير الاقتصادي هالوك بورومجكجي، مؤسس شركة “بورومجكجي ريسيرتش آند كونسلتينغ”، أن حجم محفظة عمليات السوق المفتوحة المتوقعة يمثل حوالي 3% من الميزانية العمومية الأسبوعية للبنك المركزي، وهو مستوى يتماشى مع المتوسطات التاريخية. وأكد بورومجكجي أن هذه الخطوة لا تعتبر “تيسيرًا كميًا” بالمعنى التقليدي، حيث أنها تهدف بشكل أساسي إلى إدارة السيولة وليس إلى تحفيز النمو الاقتصادي بشكل مباشر.
تأتي هذه الخطوة في سياق أوسع من السياسات النقدية التي يتبعها البنك المركزي التركي لمواجهة التحديات الاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع معدلات التضخم وتقلبات سعر الصرف. وتشمل هذه السياسات رفع أسعار الفائدة وتشديد الرقابة على الائتمان.
بالإضافة إلى ذلك، أكد البنك المركزي في تقرير السياسة النقدية لعام 2026 على التزامه بالحفاظ على نظام سعر الصرف العائم الحالي، مع الاستمرار في مراقبة التطورات عن كثب واتخاذ الإجراءات اللازمة عند الحاجة. ويعتبر سعر الصرف من العوامل الرئيسية التي تؤثر على التضخم والاستقرار الاقتصادي في تركيا.
كما أشار التقرير إلى أن سعر إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو) سيظل الأداة الرئيسية للسياسة النقدية، وأن لجنة السياسة النقدية ستعقد 8 اجتماعات خلال عام 2026 لتحديد أسعار الفائدة. وتعتبر هذه الاجتماعات فرصًا لتقييم الوضع الاقتصادي واتخاذ القرارات المناسبة بشأن السياسة النقدية.
وتشمل أبرز النقاط التي وردت في تقرير السياسة النقدية لعام 2026 ما يلي: الحفاظ على نظام سعر الصرف العائم، ومواصلة مراقبة تطورات سعر الصرف والمخاطر المرتبطة بها، واستخدام أدوات السياسة النقدية المناسبة عند الحاجة، والإبقاء على سعر الريبو كأداة رئيسية، وعقد 8 اجتماعات لتحديد أسعار الفائدة خلال العام.
من الجدير بالذكر أن تركيا تخطط أيضًا لزيادات ضريبية طفيفة لدعم البنك المركزي في جهوده لمكافحة التضخم، وفقًا لتقارير سابقة. وتعتبر هذه الزيادات الضريبية جزءًا من حزمة إجراءات تهدف إلى تعزيز الإيرادات الحكومية وتقليل الضغوط على الميزانية.
في الختام، من المتوقع أن يستمر البنك المركزي التركي في تنفيذ هذه السياسات خلال عام 2026، مع التركيز على إدارة السيولة والسيطرة على التضخم. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على الوضع الاقتصادي في تركيا، بما في ذلك التطورات العالمية والسياسية. وينبغي مراقبة تطورات سعر الصرف وأسعار الفائدة عن كثب لتقييم فعالية هذه السياسات وتأثيرها على الاقتصاد التركي.






