في إطار تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاستراتيجي، عقدت المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان اجتماعهما الثالث للمجلس التنسيقي في مسقط، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان والسيد بدر البوسعيدي. يمثل هذا الاجتماع خطوة مهمة في مسيرة التعاون السعودي العماني، ويؤكد على التزام البلدين بتعميق الشراكة في مختلف المجالات. ويهدف المجلس إلى تحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي والأمني بين البلدين.

عقد الاجتماع في العاصمة العُمانية مسقط، ويأتي في سياق الزيارات المتبادلة والمشاورات المستمرة بين قيادتي البلدين. وقد شهد الاجتماع مناقشة تفصيلية لنتائج الاجتماعات السابقة، وتقييم التقدم المحرز في تنفيذ المبادرات المشتركة، بالإضافة إلى استكشاف فرص جديدة للتعاون. وتشير التقارير إلى أن كلا الجانبين أعربا عن ارتياحهما لمستوى التعاون الحالي.

تاريخ المجلس وأهدافه الاستراتيجية

تأسس المجلس التنسيقي السعودي العماني في يوليو 2021، عقب الزيارة التاريخية لسلطان عُمان هيثم بن طارق إلى المملكة العربية السعودية. تهدف هذه المبادرة إلى وضع إطار عمل شامل لتعزيز العلاقات الثنائية، وتحديد الأولويات المشتركة، وتسهيل تنفيذ المشاريع والبرامج التي تخدم مصالح البلدين. ويعتبر المجلس آلية رئيسية لترجمة الرؤى الاستراتيجية للقيادتين إلى واقع ملموس.

تطور العلاقات الثنائية

شهدت العلاقات السعودية العمانية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مدفوعة بالرغبة المشتركة في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ووفقًا لبيانات وزارة التجارة والاستثمار السعودية، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل مطرد، مما يعكس الأهمية المتزايدة للقطاع الخاص في تعزيز هذه الشراكة. وتشمل مجالات التعاون الرئيسية التجارة والاستثمار والطاقة والبنية التحتية.

مخرجات الاجتماع وأبعادها الاقتصادية

ركز الاجتماع الثالث على متابعة تنفيذ المبادرات التي أطلقها المجلس في اجتماعاته السابقة، بما في ذلك مبادرات في مجالات التجارة والاستثمار والصناعة والطاقة. وقد تم الإعلان عن توقيع محضر لتسهيل الاعتراف المتبادل بقواعد المنشأ، وهو ما من شأنه أن يعزز التجارة البينية ويقلل من الحواجز غير التجارية. كما تم إطلاق المرحلة الثانية من برنامج التكامل الصناعي، والذي يهدف إلى تطوير سلاسل القيمة الإقليمية وتعزيز القدرات التصنيعية في البلدين.

بالإضافة إلى ذلك، ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك تطوير مشاريع مشتركة في مجال النفط والغاز والطاقة المتجددة. وتشير مصادر إلى أن هناك اهتمامًا متزايدًا بتطوير مشاريع في مجال الهيدروجين الأخضر، وهو ما يتماشى مع جهود البلدين لتنويع مصادر الطاقة وتحقيق أهداف الاستدامة. كما تم الاتفاق على إنشاء منصة إلكترونية للمجلس، بهدف تسهيل التواصل وتبادل المعلومات بين اللجان المختلفة.

الأهمية الإقليمية والدولية للتعاون

يمتد تأثير التعاون السعودي العماني إلى ما هو أبعد من الجوانب الثنائية، ليشمل الأبعاد الإقليمية والدولية. ففي ظل التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه المنطقة، يمثل التنسيق الوثيق بين الرياض ومسقط عاملاً مهماً في تعزيز الاستقرار ومنع التصعيد. وتشير التحليلات إلى أن هذا التقارب يعزز من مكانة مجلس التعاون الخليجي، ويدعم جهوده لحل النزاعات الإقليمية وتعزيز التعاون الأمني. كما يساهم في تحقيق التوازن الإقليمي، وتعزيز المصالح المشتركة لدول الخليج.

علاوة على ذلك، يتماشى هذا التعاون مع رؤى التنمية الطموحة التي يتبناها البلدان، مثل رؤية السعودية 2030 ورؤية عُمان 2040. وتشجع هذه الرؤى على تنويع الاقتصاد، وتعزيز القطاع الخاص، وتحقيق التنمية المستدامة. ويعتبر التعاون الاقتصادي بين السعودية وعُمان محركاً رئيسياً لتحقيق هذه الأهداف، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى معيشة المواطنين. وتشير التوقعات إلى أن هذا التعاون سيستمر في النمو والتطور في السنوات القادمة.

في ختام الاجتماع، وقع الأمير فيصل بن فرحان والسيد بدر البوسعيدي على محضر الاجتماع الثالث، والذي يحدد الخطوات التالية لتنفيذ المبادرات المتفق عليها. ومن المتوقع أن تعقد لجان المجلس اجتماعاتها في الأشهر القادمة لمناقشة التفاصيل الفنية والتنفيذية للمشاريع المشتركة. ويراقب المراقبون عن كثب التقدم المحرز في تنفيذ هذه المبادرات، وتأثيرها على العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية.

شاركها.