يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، الذي يسيطر حاليًا على جميع المحافظات الجنوبية الثماني، إلى ترسيخ نفسه كشريك رئيسي لواشنطن في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، وتنظيمات القاعدة، وفصائل جماعة الإخوان المسلمين. ويطالب المجلس بدعم عسكري ودبلوماسي واقتصادي موسع من الولايات المتحدة، مؤكدًا استعداده للمساهمة في تحقيق الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب في اليمن.

المجلس الانتقالي الجنوبي يوسع نطاق سيطرته في اليمن

أحمد عطيف، ممثل المجلس الانتقالي الجنوبي لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، صرح في مقابلة حصرية، بأن المجلس يرحب بجميع أشكال الدعم. وأشار إلى أن الرئيس ترامب كان “شجاعًا وقويًا”، معربًا عن تطلعه إلى دعمه. وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات في اليمن، حيث يتبنى المجلس رؤية لإعادة إحياء دولة جنوب اليمن المستقلة التي كانت موجودة من عام 1967 حتى الوحدة عام 1990.

ويُعتقد أن المجلس الانتقالي الجنوبي يحظى بدعم مالي وعسكري كبير من الإمارات العربية المتحدة. وقد أثار تقدمه في المحافظات الجنوبية الشرقية، بما في ذلك حضرموت والمهرة، قلق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، التي دعت المجلس إلى الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها مؤخرًا. وتشير تقارير إلى مخاوف من أن هذه التحركات قد تؤدي إلى صراع بين الفصائل المختلفة داخل المعسكر المناهض للحوثيين.

تصعيد التوترات وتحذيرات أممية

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن اليمن يواجه تصعيدًا خطيرًا في أعقاب التقدم الذي أحرزته القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الشرقية. وأكد غوتيريش أن هذه الإجراءات الأحادية الجانب قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات وتصلب المواقف وتسريع وتيرة التفكك، مما قد ينعكس سلبًا على الأمن الإقليمي، بما في ذلك البحر الأحمر وخليج عدن والقرن الأفريقي.

في سياق متصل، تشير تحليلات إلى أن دعم الولايات المتحدة للمجلس الانتقالي الجنوبي قد يتعارض مع سياستها المعلنة بدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن التعاون مع المجلس في مجالات مكافحة الإرهاب ومواجهة الحوثيين لا يتعارض بالضرورة مع هذا الدعم، خاصة وأن المجلس يعتبر جزءًا من الإطار الحاكم الحالي.

انقسام اليمن وتأثيره على المنطقة

يشهد اليمن حربًا أهلية طويلة الأمد قسمت البلاد إلى مناطق نفوذ مختلفة. يسيطر الحوثيون، المدعومون من إيران وحزب الله، على شمال البلاد وعاصمة صنعاء. في المقابل، يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على الجنوب، بما في ذلك عدن، العاصمة المؤقتة، وحزام من المناطق الداخلية والساحلية مثل لحج، أبين، شبوة، حضرموت، والمهرة.

تعتمد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والتي تتخذ من عدن مقرًا لها بشكل رسمي، على تحالف هش من الفصائل المتنافسة، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، للحفاظ على السيطرة على الأرض ومواجهة الحوثيين. ومع ذلك، تواجه الحكومة تحديات اقتصادية وإدارية وقدرات محدودة في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، مما أضعف سلطتها وزاد من الاعتماد على المجلس الانتقالي الجنوبي.

يرى المجلس الانتقالي الجنوبي أن عملياته في حضرموت كانت ناجحة في تعزيز الأمن ومكافحة القوات المعادية التي يتهمها بالتعاون مع الحوثيين. ويؤكد المجلس أنه يسعى إلى استعادة الاستقرار في المنطقة، بينما تتهم الحكومة اليمنية المجلس بتقويض العملية السياسية وزيادة التوترات في الجنوب.

الحوثيون.. تهديد إقليمي وعالمي

يصف المجلس الانتقالي الجنوبي الحوثيين بأنهم قوة مدمرة تتجاوز حدود اليمن. ويشير إلى شعارهم “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” باعتباره غير مقبول. ويحذر المجلس من أن استمرار سيطرة الحوثيين على صنعاء سيؤدي إلى استمرار تهديدهم لحركة الملاحة في البحر الأحمر، وإلى الأمن في الجنوب والسعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج.

بالإضافة إلى ذلك، يتهم المجلس الحوثيين بالتعاون مع جماعات متطرفة خارجية، مثل حركة الشباب الصومالية، وتلقي التدريب والدعم من إيران وحزب الله.

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى لتعزيز الشراكة مع واشنطن

يؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي على أهمية الشراكة مع الولايات المتحدة في مجالات مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي. ويشيد المجلس بجهود الرئيس ترامب في تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، واستهداف فروع جماعة الإخوان المسلمين. ويعتبر المجلس أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديدًا إرهابيًا في اليمن وخارجه.

ويطمح المجلس إلى جذب الاستثمارات الأمريكية إلى اليمن، خاصة في قطاعات النفط والزراعة والسياحة، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز التنمية الاقتصادية.

يهدف المجلس الانتقالي الجنوبي في نهاية المطاف إلى إقامة دولة جنوب يمن مستقلة ومستقرة، تساهم في تحقيق الأمن الإقليمي وتحد من النفوذ الإيراني. ومن المتوقع أن يستمر المجلس في الضغط على الولايات المتحدة لزيادة الدعم والتعاون في هذه المجالات.

في الختام، يشهد الوضع في اليمن تطورات متسارعة، مع سعي المجلس الانتقالي الجنوبي لتعزيز نفوذه وترسيخ مكانته كفاعل رئيسي في المعادلة اليمنية والإقليمية. وستظل المفاوضات المستقبلية والعلاقات مع القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، حاسمة في تحديد مسار اليمن نحو الاستقرار والسلام. من المهم متابعة ردود فعل الحكومة اليمنية على هذه التطورات، وتأثيرها على جهود الحل السياسي الشامل.

شاركها.