أكد المبعوث الأمريكي الخاص للبنان أن النقص الحاد في تمويل الجيش اللبناني يمثل أكبر عقبة أمام تحقيق سيادة الدولة ونزع سلاح حزب الله. جاء هذا التصريح في سياق جهود دولية مستمرة لتعزيز الاستقرار في لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة وتوترات أمنية متصاعدة. ويرتبط هذا التحدي بشكل وثيق بالمستقبل الأمني للبلاد وقدرتها على تطبيق القرارات الدولية.
أهمية دعم الجيش اللبناني لتحقيق الاستقرار
ووفقاً للمسؤول الأمريكي، فإن معالجة الأزمة الاقتصادية التي تواجه المؤسسة العسكرية أمر ضروري لتمكينها من القيام بمهامها الوطنية والاستراتيجية. فقد أدت الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019 إلى تدهور كبير في قيمة رواتب العسكريين، مما أثر سلباً على معنوياتهم وقدراتهم اللوجستية. هذا التدهور يضعف قدرة الجيش على الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد.
خلفية الدعم العسكري الأمريكي
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أبرز الدول الداعمة للجيش اللبناني، حيث قدمت مساعدات عسكرية تتجاوز 3 مليارات دولار منذ عام 2006. تهدف هذه المساعدات إلى تعزيز قدرات الجيش ليصبح القوة الرئيسية المسؤولة عن حماية سيادة لبنان وأراضيه. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه المساعدات وحدها لم تعد كافية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
الوضع الاقتصادي وتأثيره على المؤسسة العسكرية
تسببت الأزمة الاقتصادية في لبنان في انهيار قيمة الليرة اللبنانية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم وتدهور الأوضاع المعيشية بشكل عام. وقد انعكس ذلك بشكل مباشر على قدرة الجيش على توفير المعدات والتدريب اللازمين لعناصره. بالإضافة إلى ذلك، أدى نقص التمويل إلى تأخير في دفع الرواتب، مما أثار استياءً واسعاً في صفوف العسكريين.
تلازم الأمن والاقتصاد في لبنان
يشير خبراء إلى أن الأمن والاستقرار في لبنان مرتبطان بشكل وثيق بالوضع الاقتصادي. فمن الصعب تحقيق الاستقرار الأمني في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية. ويرى البعض أن الفقر والبطالة يمكن أن يؤديا إلى زيادة التوترات الاجتماعية وزيادة خطر التطرف.
كما أن ضعف الجيش اللبناني قد يخلق فراغاً أمنياً تستغله القوى الأخرى، بما في ذلك الجماعات المسلحة. وحسب تقارير إخبارية، فإن الدعم الأمريكي والقطري الحالي موجه بشكل أساسي للحفاظ على الحد الأدنى من قدرات الجيش، ولكنه غير كافٍ لمعالجة المشاكل الهيكلية المتراكمة.
دور الجيش في التوازن الإقليمي والقرارات الدولية
يلعب الجيش اللبناني دوراً حاسماً في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، خاصة في ظل التوترات الحدودية مع إسرائيل. يعتبر الجيش شريكاً رئيسياً لقوات “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان، والتي تهدف إلى ضمان منطقة خالية من السلاح. ويعتقد البعض أن أي ضعف في الجيش اللبناني قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تطبيق القرارات الدولية، مثل القرار 1701، يتطلب وجود جيش قوي وقادر على بسط سيطرته على الأراضي اللبنانية. وتأتي تصريحات المبعوث الأمريكي في سياق الضغط على الأطراف اللبنانية لتمكين الجيش من القيام بمهامه بشكل كامل. ويتطلب ذلك إيجاد حلول مالية مستدامة، بالإضافة إلى الإصلاحات السياسية والإدارية اللازمة.
التحديات المستقبلية والخطوات المتوقعة
يواجه لبنان تحديات أمنية واقتصادية متعددة تتطلب تعاوناً دولياً ومحلياً. فمن ناحية، يجب معالجة الأزمة الاقتصادية وتوفير الدعم المالي للجيش والمؤسسات الأخرى. ومن ناحية أخرى، يجب العمل على تعزيز الاستقرار السياسي وتطبيق الإصلاحات اللازمة. والوضع المالي للجيش اللبناني يظل نقطة اشتعال رئيسية.
من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في الضغط على الحكومة اللبنانية والجهات المانحة الأخرى لتقديم الدعم المالي للجيش. كما يُتوقع أن يتم بحث هذه القضية في الاجتماعات المقبلة للمجتمع الدولي المعني بالوضع في لبنان. يبقى من غير المؤكد ما إذا كانت السلطات اللبنانية ستتمكن من إيجاد حلول فعالة لمعالجة هذه التحديات، ولكن التوجه الحالي يشير إلى أن دعم الجيش اللبناني سيكون على رأس أولويات الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في البلاد.


