تواجه كبرى شركات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة دعوى قضائية جديدة رفعتها مجموعة من الكتّاب البارزين، بمن فيهم الصحفي جون كاريرو من صحيفة “نيويورك تايمز”. وتتهم الدعوى هذه الشركات باستخدام مواد محمية بحقوق الطبع والنشر، وهي كتبهم، بشكل غير قانوني لتدريب نماذجها اللغوية الكبيرة. يأتي هذا الإجراء في ظل تزايد التدقيق في ممارسات جمع البيانات التي تعتمد عليها هذه الشركات.
ويذكر أن كاريرو اشتهر بفضح تجاوزات شركة “ثيرانوس” في الماضي، وهو الآن يقود هذه الجهود القانونية. وتستهدف الدعوى شركات رائدة مثل “أوبن إيه آي” و”غوغل” و”آنثروبيك” و”ميتا” و”إكس إيه آي” و”بيربلكستي”، مما يشير إلى أن هذه القضية قد تكون لها تداعيات واسعة على صناعة الذكاء الاصطناعي.
تحديات حقوق الملكية الفكرية في مجال الذكاء الاصطناعي
تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل تلك المستخدمة في روبوتات الدردشة وكتابة النصوص، على كميات هائلة من البيانات لتعلم الأنماط وإنشاء محتوى جديد. وتشمل هذه البيانات غالبًا نصوصًا من الكتب والمقالات ومواقع الويب، مما يثير تساؤلات حول حقوق الملكية الفكرية.
تزعم الدعوى أن الشركات المعنية قامت بنسخ واستخدام هذه المواد دون الحصول على إذن من أصحاب الحقوق، وهو ما يشكل انتهاكًا لقوانين حقوق الطبع والنشر. ويجادل الكتّاب بأن هذا الاستخدام غير القانوني يضر بمصالحهم الاقتصادية والإبداعية.
سابقة قضائية وغرامات محتملة
ليست هذه هي الدعوى الأولى من نوعها؛ فقد رفعت مجموعة أخرى من الكتّاب دعوى مماثلة ضد شركة “آنثروبيك” في وقت سابق. وقد أقرت المحكمة في تلك القضية بمسؤولية “آنثروبيك” وفرضت عليها غرامة كبيرة بلغت 1.5 مليار دولار.
على الرغم من هذا الحكم، أعرب الكتّاب عن استيائهم، معتبرين أن التعويض المالي الذي حصلوا عليه لم يكن كافيًا لتعويض الضرر الذي لحق بهم. ويرون أن الشركات تستفيد بشكل كبير من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على أعمالهم، في حين أنهم يتلقون جزءًا ضئيلاً من هذه الأرباح.
توسيع نطاق الدعاوى والتركيز على “إكس إيه آي”
وفقًا لتقرير صادر عن موقع “آر تي تي نيوز”، فإن الدعوى الحالية هي الأولى من نوعها ضد شركة “إكس إيه آي” المملوكة لإيلون ماسك. ويشير هذا إلى أن التدقيق القانوني في ممارسات شركات الذكاء الاصطناعي يتزايد.
ويذكر أن المدعين في هذه القضية لا يسعون للحصول على صفة الدعوى الجماعية، وذلك لأنهم يعتقدون أن التسويات الجماعية قد تسمح للشركات بالتخلص من مسؤولياتها القانونية بسرعة كبيرة. ويرغبون في متابعة القضية بشكل فردي لضمان حصولهم على تعويض عادل.
في هذه الأثناء، نفت شركة “بيربلكستي” استخدام الكتب في تدريب نماذجها، لكن الشركات الأخرى لم تصدر أي بيانات رسمية حتى الآن. ويقود القضية المحامي كايل روش، الذي كان أيضًا جزءًا من القضية السابقة ضد “آنثروبيك”.
نقص البيانات وتأثيره على تطوير الذكاء الاصطناعي
بالإضافة إلى قضايا حقوق الملكية الفكرية، يشير تقرير صادر عن “المنتدى الاقتصادي العالمي” إلى مشكلة متزايدة وهي نقص البيانات المتاحة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. ويعزى هذا النقص إلى التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي واستهلاكها المتزايد للبيانات.
ويؤكد التقرير أن هذا الأمر قد يعيق قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على توليد محتوى جديد ومبتكر، مما يمثل تحديًا كبيرًا لمستقبل هذه التكنولوجيا. كما أن سرعة استهلاك البيانات تفوق سرعة إنتاجها، مما يزيد من حدة المشكلة.
من المتوقع أن تستمر هذه الدعاوى القضائية في التأثير على صناعة الذكاء الاصطناعي في الأشهر والسنوات القادمة. وستراقب الأوساط القانونية والتكنولوجية عن كثب تطورات هذه القضايا، خاصةً فيما يتعلق بتفسير قوانين حقوق الطبع والنشر في سياق نماذج الذكاء الاصطناعي. كما أن مسألة نقص البيانات ستظل تشكل تحديًا رئيسيًا يتطلب حلولًا مبتكرة.






