شهد القطاع الخاص غير النفطي في دولة الإمارات العربية المتحدة نموًا قويًا خلال شهر نوفمبر، مدفوعًا بزيادة الطلب وارتفاع الإنتاج. ووفقًا لتقرير مؤشر مديري المشتريات الصادر عن “إس آند بي غلوبال”، فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات الرئيسي (PMI) إلى 54.8 نقطة، وهو الأعلى له منذ تسعة أشهر، مقارنة بـ 53.8 نقطة في أكتوبر. يشير هذا المؤشر إلى استمرار التوسع في نشاط الشركات غير النفطية، مما يعزز التوقعات الاقتصادية الإيجابية للدولة.
يأتي هذا التوسع مدفوعًا بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، بما في ذلك الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به الإمارات، بالإضافة إلى مبادرات التحفيز الحكومية التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر. وقد ساهمت هذه العوامل في خلق بيئة أعمال مواتية للنمو، خاصة في قطاعات مثل السياحة والعقارات والخدمات المالية.
توسع ملحوظ في القطاع الخاص غير النفطي
أظهر التقرير ارتفاعًا ملحوظًا في حجم الأعمال الجديدة خلال شهر نوفمبر، مسجلاً أسرع وتيرة نمو منذ يناير. وأشار التقرير إلى أن الشركات استطلعت آراءها نسبت هذا الارتفاع إلى تحسن الظروف الاقتصادية العامة وزيادة الطلب من العملاء، بالإضافة إلى جهودها في الابتكار وتوسيع نطاق أسواقها. هذا النمو في الأعمال الجديدة أدى بدوره إلى زيادة كبيرة في الإنتاج، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة لدى الشركات في مستقبل الاقتصاد الإماراتي.
زيادة التوظيف وتكاليف الأجور
بالتزامن مع التوسع في الأعمال، شهدت مستويات التوظيف في القطاع الخاص غير النفطي ارتفاعًا ملحوظًا خلال شهر نوفمبر، مسجلة أسرع وتيرة نمو منذ مايو 2024. يعزى هذا الارتفاع إلى حاجة الشركات لتلبية الطلب المتزايد على منتجاتها وخدماتها، بالإضافة إلى ارتفاع حجم الأعمال المعلقة. ومع ذلك، أدى هذا الارتفاع في التوظيف إلى زيادة في تكاليف الأجور، حيث اضطرت الشركات إلى رفع الرواتب لجذب الكفاءات والاحتفاظ بها في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص المهارات المتخصصة.
ارتفاع أسعار المبيعات وتكاليف الإنتاج
أفاد التقرير أن الشركات قامت برفع أسعار مبيعاتها مرة أخرى في شهر نوفمبر، وذلك بهدف الاستفادة من الطلب القوي وتعويض ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج. وقد ساهم ارتفاع تكاليف الأجور بشكل كبير في زيادة إجمالي تكاليف الأعمال، مما دفع الشركات إلى تمرير هذه التكاليف الإضافية على المستهلكين. بالإضافة إلى ذلك، شهد نشاط الشراء زيادة ملحوظة، مما يشير إلى توقعات الشركات باستمرار النمو في الأشهر المقبلة.
ومع ذلك، فقد أشارت بعض الشركات إلى انخفاض في المخزون، حيث تم استهلاك معظم المستلزمات في العمليات التشغيلية. ويرجع ذلك إلى ثقة الشركات في قدرة الموردين على التسليم الفوري، بالإضافة إلى رغبتها في تجنب تكاليف التخزين الزائدة. هذا الانخفاض في المخزون قد يشكل تحديًا في حالة حدوث أي اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية.
نظرة مستقبلية حذرة
على الرغم من الأداء القوي للقطاع الخاص غير النفطي في شهر نوفمبر، إلا أن الشركات أبدت حذرًا بشأن النظرة المستقبلية. وقد تحسنت التوقعات بشكل طفيف مقارنة بشهر أكتوبر، مدفوعة بصلابة قنوات المبيعات وتحسن بيئة الأعمال. ومع ذلك، لا تزال النظرة المستقبلية معتدلة، حيث تتوقع الشركات استمرار التوسع في الإنتاج بوتيرة أبطأ.
صرح ديفيد أوين، خبير اقتصادي أول في “إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس”، بأن القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات حقق أداءً قويًا في الربع الرابع حتى الآن. وأضاف أن هذا الانتعاش يرتبط بشكل كبير بالطلب القوي من العملاء وخطوط المبيعات الصحية، مما شجع الشركات على توسيع إنتاجها وتوظيفها. لكنه حذر من أن الارتفاع الحاد في معدلات التوظيف قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية أوسع نطاقًا في الأشهر المقبلة.
وفيما يتعلق بمدينة دبي، فقد أظهر التقرير تحسنًا إضافيًا في ظروف التشغيل، حيث استقر مؤشر مديري المشتريات عند 54.5 نقطة، مسجلاً أسرع وتيرة تحسن منذ يناير. وسجلت المدينة نموًا متسارعًا في النشاط وارتفاعًا حادًا في المبيعات، بالإضافة إلى زيادة في التوظيف هي الأسرع في 18 شهرًا. ومع ذلك، فقد شهدت سلاسل التوريد تحديات، حيث ارتفعت تكاليف مستلزمات الإنتاج بأكبر معدل لها منذ فبراير، مدفوعة بارتفاع نفقات الموظفين.
من المتوقع أن يستمر القطاع الخاص غير النفطي في دولة الإمارات في النمو في الأشهر المقبلة، مدفوعًا بالتحسينات في بيئة الأعمال والطلب القوي من العملاء. ومع ذلك، من المهم مراقبة تطورات التضخم وسلاسل التوريد العالمية، حيث قد تؤثر هذه العوامل على مسار النمو في المستقبل. سيراقب خبراء الاقتصاد عن كثب بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر ديسمبر للحصول على مؤشر إضافي حول صحة القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات.




