أصدرت المحكمة العليا في كينيا قرارًا بوقف تنفيذ اتفاقية التعاون الصحي الموقعة مؤخرًا بين نيروبي وواشنطن، وذلك بعد جدل متصاعد حول بنود تتعلق بنقل البيانات الطبية والشخصية. يأتي هذا القرار كاستجابة لدعوى قضائية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التعاون الصحي الدولي وحماية خصوصية المواطنين في كينيا.
وقررت المحكمة تعليقًا مؤقتًا للجزء الخاص بتبادل المعلومات الصحية والوبائية، على أن يستمر هذا التعليق حتى يتم إجراء مراجعة قانونية شاملة للاتفاقية. وقد تم اتخاذ هذا الإجراء الاحترازي استجابة لمخاوف بشأن الامتثال للدستور وقانون الصحة الكيني.
الخلاف حول نقل البيانات الطبية
رفعت دعوى قضائية ضد الاتفاقية من قبل اتحاد المستهلكين الكينيين، الذي يرى أن الاتفاقية الموقعة في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري بين رئيس الوزراء الكيني موساليا مودافادي ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تنتهك حقوق المواطنين. ويزعم الاتحاد أن الاتفاقية لم تحظ بالشفافية الكافية ولم يتم التشاور مع الجمهور بشأنها.
وحذر الاتحاد من أن نقل البيانات الطبية إلى الخارج يشكل خطرًا دائمًا وغير قابل للإصلاح، حيث يفتح الباب أمام انتهاكات محتملة لخصوصية المواطنين، بما في ذلك الوصم وسوء استخدام المعلومات الشخصية. ويرى الاتحاد أن حماية البيانات الصحية يجب أن تكون أولوية قصوى.
ردود فعل حكومية
في محاولة لتهدئة المخاوف العامة، أكد الرئيس الكيني وليام روتو أن المبادرة جاءت من الجانب الكيني وأن المفاوضات الرئيسية جرت في نيروبي قبل التوقيع الرسمي في واشنطن. وأشار إلى أن الحكومة الكينية كانت تسعى إلى تعزيز التعاون في مجال الصحة العامة.
وأضاف روتو أن المدعي العام قد راجع الاتفاقية وأقر بسلامتها القانونية، نافيًا وجود أي ثغرات من شأنها أن تعرض حماية البيانات للخطر. ومع ذلك، لم يمنع هذا التأكيد تصاعد الجدل العام والطعون القضائية.
السياق الأوسع لقضايا حماية البيانات
تأتي هذه التطورات في كينيا في وقت يشهد فيه العالم تزايدًا في القلق بشأن حماية الخصوصية والبيانات الشخصية، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي والاعتماد المتزايد على تبادل المعلومات عبر الحدود. تعتبر قضايا الأمن السيبراني وحماية البيانات من القضايا الرئيسية التي تواجه الحكومات والمنظمات في جميع أنحاء العالم.
وتشير التقارير إلى أن العديد من الدول الأفريقية تعمل على تطوير قوانين ولوائح أكثر صرامة لحماية البيانات الشخصية، وذلك استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن إساءة استخدام المعلومات وسرقتها. وتعتبر كينيا من بين الدول الرائدة في هذا المجال في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الجدل الدائر حول هذه الاتفاقية يعكس نقاشًا أوسع حول التوازن بين التعاون الدولي في مجال الصحة العامة والحفاظ على السيادة الوطنية وحماية حقوق المواطنين. وهو توازن دقيق يتطلب دراسة متأنية وشفافية كاملة.
من المقرر أن تعود القضية إلى المحكمة في 12 فبراير/شباط لمتابعة مدى الالتزام بالأوامر القضائية، والنظر في الجوانب القانونية للطعن المقدم. من المتوقع أن يكون لهذا التطور تأثير كبير على مستقبل التعاون الصحي بين كينيا والولايات المتحدة، وعلى قوانين حماية البيانات في كينيا بشكل عام. سيكون من المهم متابعة تطورات هذه القضية لمعرفة كيف ستتعامل الحكومة الكينية مع هذه التحديات.






