في مركز تحقيق المسكوبية غربي القدس المحتلة ما زال 8 قاصرين يقبعون خلف القضبان بعد تحرر أصغرهم الذي يبلغ من العمر 12 عاما إلى الحبس المنزلي، وذلك عقب تقديم لائحة اتهام ضدهم في المحكمة المركزية بالقدس تضمنت رشق الحجارة تجاه مركبة مستوطن دخل بلدة العيساوية التي ينحدرون منها.

وتدّعي النيابة العامة الإسرائيلية، وفق محامي مركز معلومات وادي حلوة محمد محمود، للجزيرة نت، أن مستوطنا دخل بمركبته عن طريق الخطأ إلى هذه البلدة الواقعة شرقي القدس في 30 يناير/كانون الأول، وباشر 9 قاصرين تراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما برشقها بالحجارة، مما أدى إلى إحداث أضرار وهو بداخلها.

وعلى 3 مراحل اعتُقل القاصرون “المتهمون” بهذا الفعل بدءا من 27 فبراير/شباط حتى 9 مارس/آذار الجاري، وتعرضوا وفقا لمحاميهم للضرب ولساعات تحقيق طويلة متواصلة خلال توقيفهم.

المحامي محمود: لا يمكنني توقع المدة التي سيمكثها الأطفال في السجن لكن المؤكد أنهم لن يتحرروا في هذه الظروف (الجزيرة)

“ملف العيساوية”

“تتضمن لائحة الاتهام جملة بنود، أبرزها رشق الحجارة، ومخالفات على خلفية قومية، ومحاولة الإصابة بظروف مشددة. ولم تتحدث النيابة العامة حتى الآن عن فترة السجن الفعلي التي ستطلبها للأطفال المتهمين في هذا الملف، ولا يمكنني توقع المدة التي سيمكثها هؤلاء الأطفال في السجن، لكن المؤكد أنهم لن يتحرروا في هذه الظروف وسيحكم عليهم بالسجن الفعلي”، كما أضاف المحامي محمود.

ويتضمن ما أطلق عليه المحامي “ملف العيساوية” 12 مقدسيا، 9 منهم قاصرون، وطلب المحامي تأجيل جلسة المحكمة القادمة حتى 8 أبريل/نيسان المقبل لأن “الملف كبير ويجب دراسته بشكل جيد للوقوف على ماهيّة الأدلة الموجودة وكيف بُني هذا الملف”.

وفي ملف اعتقالات أطفال القدس، قال محمد محمود إن بلدة العيساوية تتصدر البلدات المقدسية من حيث أعداد المعتقلين القُصّر، وإن 70% من المعتقلين القاصرين خلال شهري فبراير/شباط المنصرم ومارس/آذار الجاري ينحدرون من هذه البلدة.

ووفق رصد خاص للجزيرة نت، منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 أعدمت قوات الاحتلال 3 مقدسيين في العيساوية، بينهم قاصران، هما محمد مصطفى (15 عاما) وليث أبو مرّة (16 عاما).

ويتخذ الاحتلال من مدخل هذه البلدة محطة للتنكيل بالفلسطينيين، إذ تُنصب الحواجز بشكل شبه يومي وتُفتش الحافلات والمركبات والأفراد، وفي شهر فبراير/شباط المنصرم وثق أهالي البلدة إخراج شاب من مركبته بالقوة وتفتيشه تفتيشا مهينا بعد صعقه بالكهرباء وضربه.

استفزازات يومية

وفي إطار التضييق اليومي، تقتحم طواقم بلدية الاحتلال المختلفة هذه البلدة وتعلق أوامر هدم جديدة، أو تهدم منازل قائمة بادعاء بنائها من دون الحصول على التراخيص اللازمة، كما تحرر المخالفات التعسفية للأهالي بشكل عشوائي، وفي بعض الحالات بسبب تساقط أوراق الأشجار في ساحة منازلهم.

وقُدّر عدد سكان بلدة العيساوية عام 2023 بنحو 24 ألف نسمة، ويطلق البعض على هذه البلدة المشتعلة اسم “غزة الصغرى” أو “غزة القدس” بسبب حدة المواجهات التي تدور في حاراتها مع قوات الاحتلال التي تتعمد تخريب ممتلكات المواطنين الخاصة وإغراق البلدة بالمياه العادمة بين حين وآخر، وذلك في محاولة لعقاب السكان بشكل جماعي وإخضاعهم.

وصودرت آلاف الدونمات من أراضي العيساوية لمصلحة كل من الجامعة العبرية، ومستوطنة “جفعات شابيرا” غربي البلدة، بالإضافة إلى مستوطنتي “معاليه أدوميم” و”ميشور أدوميم” شرقيها.

وصودر مزيد من الأراضي أيضا من أجل إنشاء طرق التفافية للمستوطنين، كشارع رقم “1” والطريق الالتفافي رقم “437”، وسيخنق مشروع “E1” العيساوية من الجهة الشرقية وستفقد 35% من مساحتها عند اكتمال هذا المخطط الاستيطاني.

ولم تسلم هذه البلدة من أشكال الاستيطان كافة، إذ تبتلع إحدى “الحدائق القومية” 450 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع) من أراضيها، وتفصل هذه الحديقة بلدتي العيساوية والطور عن بعضهما وتربط بالمقابل مجموعة مستوطنات.

شاركها.