أحرز العراق تقدماً نسبياً في مواجهة معدلات الفقر التي سجلت في السنوات الماضية انخفاضاً من 22% في عام 2007 إلى 17% العام الماضي، وسط جهود حكومية لدعم محدودي الدخل، وتوفير فرص عمل.
هيئة الإحصاء التابعة لوزارة التخطيط العراقية أطلقت مقياساً لمعدلات الفقر أطلقت عليه “المقياس الوطني متعدد الأبعاد”، وحسب سندس عباس، مديرة برنامج دعم العراق للتنمية المستدامة في مكتب الأمم المتحدة الإنمائي، خلال حديث لـ”الشرق” فأن تقرير الفقر متعدد الأبعاد استند إلى نتائج المسح الوطني للأسرة العراقية، أو ما يسمى بـ”مسح إحساس”. وشرحت بأن فرقاً من هيئة الإحصاء العراقية قامت بمسح 24 ألف أسرة عراقية، وتمت زيارتها ومتابعة أوضاعها على مدار خمس مرات خلال عام كامل باستخدام منهجية معتمدة من جامعة أوكسفورد.
اعتمدت فرق الإحصاء خمسة أبعاد، هي التعليم والصحة ومستويات المعيشة والتشغيل والتعرض للصدمات، وقد أظهرت النتائج ثلاث محافظات عراقية تمثل الأكثر فقراً، هي المثنى وميسان وصلاح الدين.
دعت عباس الجهات الحكومية العراقية، خاصة الحكومات المحلية، لأخذ تلك المؤشرات بعين الاعتبار ووضع الخطط الكفيلة لترجمتها على أرض الواقع.
مهدي العلاق، رئيس الفريق الفني في هيئة الإحصاء العراقية، أكد في حديث لـ”الشرق” أن نتائج المسح أظهرت أن نحو 11% من العراقيين يعانون من الفقر متعدد الأبعاد، مشيراً إلى أن كل بعد تختلف نسبته في معاناة الأسر العراقية من الحرمان. رغم ذلك نوّه بأن هذا المعدل يُعتبر ضمن المستويات المقبولة عالمياً.
من جانبه، لفت ضياء عواد، رئيس هيئة الإحصاء ونظم المعلومات في وزارة التخطيط العراقية، أن مسوحات الهيئة تطرقت لأدق التفاصيل، خاصة ما يتعلق بمعدل البطالة الأوسع والذي سجل انخفاضاً العام الماضي إلى 13.5%، وأشار إلى أن هذا المعدل لا يشمل فقط العاطلين عن العمل، بل يمتد إلى الذي يمارسون أشغالاً في غير تخصصاتهم، وهؤلاء الذين لا يعملون بوقت كامل.
استراتيجية تعتمد على 3 ركائز
تعتمد الحكومة العراقية في مساعيها للتصدي للفقر على ثلاث استراتيجيات؛ الأولى عبارة عن الحصة التموينية التي تم تفعيلها عام 1990، وكانت النية وقتها أن تكون مؤقتة لكنها استمرت حتى الآن. وتخصص الحكومات لهذه الاستراتيجية مبالغ كبيرة وحصة من سلع غذائية متنوعة تُمنح للأسر العراقية بأسعار مدعومة حكومياً.
أما الاستراتيجية الثانية، فهي مرتبات الرعاية الاجتماعية. إذ ينص قانون الرعاية الاجتماعية الصادر سنة 2014 على أن لكل شخص مقيم في العراق ويعيش تحت خط الفقر الحق في الحصول على إعانة نقدية شهرية، وحدد القانون المبالغ بـ105 آلاف دينار لكل فرد من الأسرة بحد أقصة أربعة أفراد. وهناك مطالبات بتعديل القانون لزيادة مبالغ هذه الإعانات.
وأخيراً، الاستراتيجية الثالثة عبارة عن صناديق التنمية الاجتماعية المختصة بتقديم خدمات متنوعة للمناطق التي تسجل معدلات فقر عالية، وتشمل قروضاً صغيرة ومتوسطة للشباب العاطلين لبدء مشاريع مدرة للدخل وخالقة لفرص عمل. كما تشمل أيضاً تنفيذ مشاريع خدمية أساسية ترتبط بالماء والطرق والسكن وغيرها. ويخصص كل عام مبالغ من الموازنة الاتحادية لدعم هؤلاء الشباب أو عبر قروض من البنوك العالمية.
رغم هذه الاستراتيجيات الثلاث التي تعمل ضمن إطارها حكومات محافظات العراق، إلا ان البلاد لا تزال تواجه مشاكل كثيرة؛ ليست فقط تلك المتعلقة بأسعار النفط أو التوترات الجيوسياسية، بل تمتد إلى التحدي الديموغرافي.