أصدرت السلطات الصينية مؤخرًا مجموعة من القواعد الجديدة التي تهدف إلى تنظيم تسعير منصات الإنترنت، وذلك في إطار سعيها لحماية حقوق المستهلكين والتجار على حد سواء. تأتي هذه الخطوة لتسوية الممارسات التجارية وتعزيز الشفافية في سوق التجارة الإلكترونية الصيني الضخم، الذي يشهد نموًا متسارعًا وتنافسية عالية. ومن المقرر أن تدخل هذه اللوائح حيز التنفيذ في 10 أبريل 2026 وستستمر لمدة خمس سنوات.

تهدف هذه القواعد، التي أعلنتها إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية (CAC) يوم السبت، إلى منع الممارسات الاحتكارية والتقليل من تأثير منصات الإنترنت الكبرى على تحديد الأسعار. وتشمل هذه المنصات شركات مثل Alibaba و JD.com، وهي لاعبون رئيسيون في قطاع التجارة الإلكترونية في الصين. وتؤكد اللوائح على حق التجار في تحديد أسعار منتجاتهم وخدماتهم بشكل مستقل عبر مختلف المنصات الرقمية.

تنظيم تسعير منصات الإنترنت: إطار جديد لحماية المنافسة

تعتبر هذه القواعد جزءًا من جهود مستمرة تبذلها الحكومة الصينية لتنظيم قطاع التكنولوجيا وضبط ممارسات الشركات الكبرى. وقد شنت الصين حملة واسعة النطاق على الشركات التكنولوجية خلال السنوات الأخيرة، مع التركيز على قضايا مكافحة الاحتكار وحماية البيانات. يرى المحللون أن هذه الإجراءات تهدف إلى خلق بيئة عمل أكثر عدالة والمساهمة في الاستقرار الاقتصادي.

قيود على ممارسات المنصات

تحدد اللوائح بوضوح الإجراءات التي لا يحق لمشغلي منصات الإنترنت اتخاذها. وتشمل هذه الإجراءات فرض قيود غير معقولة على سلوك التسعير للتجار، مثل رفع الرسوم بشكل تعسفي أو الحد من الرؤية لمنتجاتهم. كما تحظر المنصات من إزالة السلع والخدمات بشكل غير مبرر.

تعتبر الشفافية في عروض الدعم والمساعدة المقدمة من المنصات للتجار أمرًا بالغ الأهمية. يجب أن تكون هذه العروض عادلة ونزيهة، مع تجنب أي ادعاءات مضللة أو مبالغ فيها حول قيمتها الحقيقية. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان قدرة التجار على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الخدمات التي يشتركون فيها.

التأثير على سوق التجارة الإلكترونية

من المتوقع أن يكون لهذه القواعد تأثير كبير على سوق التجارة الإلكترونية في الصين. قد تؤدي إلى زيادة المنافسة بين التجار، مما يفيد المستهلكين من خلال توفير أسعار أكثر تنافسية. كما قد تشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على المشاركة في التجارة الإلكترونية، حيث ستكون محمية من الممارسات غير العادلة من قبل المنصات الكبرى.

بالإضافة إلى تنظيم التسعير، تشير هذه الإجراءات إلى اهتمام أوسع من جانب الحكومة الصينية بضمان ممارسات تجارية نزيهة في الفضاء الرقمي. وتستهدف القواعد أيضًا حماية المستهلكين من الممارسات الخادعة ومنع التلاعب بالأسعار. هذه الجهود تتماشى مع التوجهات العالمية المتزايدة نحو تنظيم منصات الإنترنت.

الجدير بالذكر أن هذه القواعد تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد الصيني تحديات، بما في ذلك تباطؤ النمو وزيادة الديون. قد تساهم هذه الإجراءات في تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الثقة في الاقتصاد، وهو أمر ضروري لتحقيق الاستقرار والنمو المستدام. يتوقع بعض الخبراء أن يؤدي هذا التنظيم إلى زيادة في تكاليف التشغيل للمنصات، مما قد ينعكس على الأسعار في النهاية.

يتم ربط هذه اللوائح بتعديلات أوسع في قوانين حماية المنافسة الصينية، مع التركيز بشكل خاص على إساءة استخدام السلطة السوقية من قبل الشركات التكنولوجية. يشمل ذلك مراجعة عمليات الاندماج والاستحواذ التي تجريها هذه الشركات لضمان عدم تقويض المنافسة. كما تعزز القواعد دور الجهات التنظيمية في مراقبة ممارسات التسعير واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين.

في الوقت الحالي، تقوم إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية بتوضيح بعض الجوانب الفنية للقواعد، وتتوقع استقبال تعليقات من الشركات والمستثمرين قبل دخولها حيز التنفيذ. سيتم التركيز على كيفية تفسير مصطلح “القيود غير المعقولة” وكيف سيتم تطبيق القواعد على مختلف أنواع المنصات ونماذج الأعمال. من المهم متابعة هذه التطورات لتقييم الأثر الكامل للقواعد على سوق التجارة الإلكترونية وقطاع التكنولوجيا في الصين.

وختامًا، من المقرر أن تبدأ القواعد الجديدة في العمل في أبريل 2026، ومن المتوقع أن تشهد الفترة التي تسبق ذلك نقاشات وتفسيرات إضافية من جانب السلطات الصينية. سيراقب سوق التجارة الإلكترونية عن كثب تطبيق هذه القواعد وتأثيرها على سلوك المنصات والتجار والمستهلكين. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة من خلال تعزيز المنافسة العادلة والشفافية في البيئة الرقمية.

شاركها.