أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، يوم الأحد، عن استمرار الأزمة الدوائية الحادة في الأراضي الفلسطينية، حيث وصلت الأرصدة من الأدوية والمستهلكات الطبية إلى مستويات خطيرة. وتشير البيانات إلى أن نقص الأدوية الأساسية يهدد بشكل مباشر قدرة النظام الصحي على تقديم الرعاية اللازمة للمرضى والجرحى، خاصةً في ظل الظروف الراهنة. هذه الأزمة تزيد من الضغط على المرافق الطبية المنهكة بالفعل.
تدهور وضع الأدوية والمستهلكات الطبية
وفقًا لبيان صادر عن الوزارة، فإن 52% من قائمة الأدوية الأساسية لديها رصيد صفري، بينما تصل النسبة إلى 71% بالنسبة لقوائم المستهلكات الطبية. وبلغت نسبة النقص في المستهلكات المخبرية 70%. هذا النقص الحاد يؤثر بشكل كبير على مختلف الخدمات الطبية المقدمة.
التأثير على الخدمات الصحية
أوضحت وزارة الصحة أن الرعاية الأولية والجراحة، بالإضافة إلى العمليات والعناية المركزة وعلاج مرضى السرطان وأمراض الدم، تعاني جميعها من نقص حاد في الأدوية اللازمة. ويؤدي ذلك إلى تأجيل العمليات وتدهور حالة المرضى الذين يحتاجون إلى علاج مستمر.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه أقسام جراحة العظام والكلى والغسيل الكلوي والعيون والجراحة العامة والعناية الفائقة تحديات كبيرة بسبب نقص الإمدادات من المستهلكات الطبية الضرورية. ويعيق هذا النقص قدرة الأطباء والممرضين على تقديم الرعاية المثلى للمرضى.
أسباب الأزمة وتفاقمها
يعزى النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات الطبية إلى عدة عوامل، أبرزها المديونية المتراكمة لوزارة الصحة الفلسطينية والتي تقدر بنحو 3 مليارات شيكل (حوالي 800 مليون دولار أمريكي). تعتبر هذه الديون عبئاً ثقيلاً على ميزانية الوزارة وتحد من قدرتها على توفير الإمدادات اللازمة.
وقد تفاقمت الأزمة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية، مما أدى إلى تدهور الإيرادات المالية للحكومة الفلسطينية. ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى الاقتطاعات المتزايدة من أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة) من قبل إسرائيل. وتعتمد الحكومة الفلسطينية بشكل كبير على هذه الأموال لتغطية النفقات الجارية، بما في ذلك تكاليف الرعاية الصحية.
تشير التقارير إلى أن إسرائيل بدأت في اقتطاع ما يقرب من 45% من أموال المقاصة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر 2023، مما زاد من الضغط المالي على السلطة الفلسطينية ووزارة الصحة. هذا الوضع انعكس بشكل مباشر على توافر المستلزمات الطبية.
تأثير الأزمة على القطاع الصحي بشكل عام
يعتبر نقص الأدوية والمعدات الطبية تهديدًا وجوديًا للقطاع الصحي الفلسطيني، الذي يعاني بالفعل من نقص في الموارد والبنية التحتية. يؤدي هذا النقص إلى زيادة العبء على المستشفيات والمراكز الصحية، وتدهور جودة الخدمات المقدمة، وارتفاع معدلات الوفيات والإعاقة.
كما يؤثر بشكل سلبي على ثقة الجمهور في النظام الصحي، ويزيد من الشعور بالإحباط واليأس بين المرضى والجرحى وعائلاتهم. ويتسبب في تدهور الوضع الإنساني العام في الأراضي الفلسطينية.
وتشير المصادر إلى أن هناك تداعيات طويلة الأمد لهذه الأزمة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتفاقم مشكلة الهجرة الطبية.
المستقبل وما يجب مراقبته
تسعى وزارة الصحة الفلسطينية إلى إيجاد حلول للأزمة الدوائية، بما في ذلك التواصل مع الجهات الدولية والمحلية لطلب المساعدة وتعبئة الموارد. ومع ذلك، فإن مستقبل الوضع الصحي في فلسطين لا يزال غير مؤكد ويعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك التطورات السياسية والأمنية، والموافقة على صرف أموال المقاصة الفلسطينية بالكامل، وزيادة حجم المساعدات الخارجية المقدمة.
من المتوقع أن تستمر وزارة الصحة في تقييم الوضع وتقديم التقارير الدورية حول مستويات النقص في الأدوية والمستهلكات الطبية. ويجب على المراقبين مراقبة التطورات الأخيرة المتعلقة بالمفاوضات بين فلسطين وإسرائيل بشأن أموال المقاصة، وكذلك أي مبادرات جديدة تهدف إلى تحسين الوضع الصحي في الأراضي الفلسطينية.






