شهد معرض “صُنع في السعودية 2025” الذي أقيم مؤخرًا، توقيع مذكرة تفاهم مهمة بين هيئة تنمية الصادرات السعودية والمعهد الملكي للفنون التقليدية (وِرث). تهدف هذه المذكرة إلى تعزيز ودعم الفنون والحِرف الوطنية، وتمكين الحرفيين والمواهب السعودية، وفتح آفاق جديدة لتسويق منتجاتهم محليًا ودوليًا. يأتي هذا التعاون في سياق رؤية المملكة 2030 التي تولي اهتمامًا خاصًا بتنمية القطاعات غير النفطية، بما في ذلك قطاع الثقافة والإبداع.
وقع الاتفاقية كل من الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية الصادرات السعودية، ورئيس مجلس إدارة المعهد الملكي للفنون التقليدية (وِرث)، وذلك على هامش فعاليات المعرض الذي استضافته العاصمة الرياض. تعتبر هذه الشراكة خطوة هامة نحو تحقيق أهداف الهيئة في تنويع مصادر الدخل الوطني، والمعهد في الحفاظ على التراث الثقافي السعودي وتطويره.
تعزيز الفنون والحِرف الوطنية من خلال الشراكة
تستند مذكرة التفاهم إلى رغبة مشتركة في تطوير منظومة دعم الحرفيين والفنانين السعوديين. تسعى الهيئة والمعهد إلى العمل معًا لتحديد التحديات التي تواجه هذا القطاع، ووضع الحلول المناسبة للتغلب عليها. يشمل ذلك توفير التدريب والتأهيل، وتقديم الدعم المالي والفني، وتسهيل الوصول إلى الأسواق.
أهداف مذكرة التفاهم الرئيسية
تتضمن مذكرة التفاهم عدة أهداف رئيسية، من بينها:
تطوير برامج تدريبية متخصصة للحرفيين والفنانين، تهدف إلى صقل مهاراتهم وزيادة إنتاجيتهم. كما تهدف إلى تعريفهم بأحدث التقنيات والأساليب المستخدمة في مجال الفنون والحرف.
تقديم الدعم المالي للحرفيين والمواهب الواعدة، من خلال توفير قروض ميسرة ومنح مالية. يهدف هذا الدعم إلى مساعدتهم على بدء مشاريعهم الخاصة أو تطوير مشاريعهم القائمة.
تسهيل مشاركة الحرفيين والفنانين السعوديين في المعارض والمؤتمرات الدولية. يساعد ذلك على تعريف العالم بمنتجاتهم وإبداعاتهم، وفتح أسواق جديدة لهم.
إنشاء منصة رقمية متكاملة لعرض وتسويق منتجات الحرفيين والفنانين السعوديين. تتيح هذه المنصة الوصول إلى شريحة واسعة من العملاء المحتملين، سواء داخل المملكة أو خارجها.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الهيئة و”وِرث” إلى التعاون في مجال البحث والتطوير، بهدف إيجاد طرق جديدة لتطوير المنتجات الحرفية والتقليدية، وجعلها أكثر جاذبية للمستهلكين. هذا يشمل استكشاف التصميم السعودي الحديث ودمجه مع الأساليب التقليدية.
دور هيئة تنمية الصادرات السعودية
تُعد هيئة تنمية الصادرات السعودية (Saudi Exports Development Authority) الجهة الحكومية المسؤولة عن دعم وتنمية الصادرات السعودية غير النفطية. تستهدف الهيئة زيادة حجم الصادرات السعودية، وتنويع أسواقها، وتحسين تنافسية المنتجات السعودية في الأسواق العالمية. وتركز الهيئة بشكل خاص على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل غالبية الشركات المصدرة في المملكة.
وترى الهيئة أن دعم الحرف اليدوية السعودية يمثل فرصة واعدة لزيادة الصادرات، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الهوية الثقافية للمملكة.
دور المعهد الملكي للفنون التقليدية (وِرث)
المعهد الملكي للفنون التقليدية (وِرث) هو مؤسسة غير ربحية تأسست بهدف الحفاظ على التراث الثقافي السعودي وتعزيزه. يركز المعهد على دعم الحرفيين والفنانين السعوديين، وتوفير التدريب والتأهيل لهم، وعرض منتجاتهم وإبداعاتهم. ويعمل المعهد أيضًا على توثيق التراث الثقافي السعودي، ونشره على نطاق واسع.
يُعتبر المعهد مركزًا هامًا للبحوث والدراسات في مجال الفنون والحرف، وله شراكات واسعة مع المؤسسات الثقافية والفنية في المملكة وخارجها. كما يساهم المعهد في تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية، التي تهدف إلى تعريف الجمهور بالتراث الثقافي السعودي.
ينعكس هذا التعاون في السياق الأوسع للاهتمام المتزايد بالتراث السعودي، وتحديدًا في ظل مبادرات ثقافية مثل موسم الرياض والبحر الأحمر، التي تسلط الضوء على المنتجات المحلية والإبداعات الحرفية.
وفي هذا الشأن، أشارت بعض التقارير إلى أن قطاع الحرف اليدوية في المملكة يشهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالدعم الحكومي المتزايد، وزيادة الوعي بأهمية التراث الثقافي، وتزايد الطلب على المنتجات الحرفية من قبل السياح والمستهلكين المحليين.
ومع ذلك، لا يزال هذا القطاع يواجه بعض التحديات، مثل نقص التمويل، وصعوبة الوصول إلى الأسواق، ونقص التدريب والتأهيل. تهدف مذكرة التفاهم الموقعة بين هيئة تنمية الصادرات السعودية والمعهد الملكي للفنون التقليدية (وِرث) إلى معالجة هذه التحديات، وفتح آفاق جديدة لنمو وتطور هذا القطاع الحيوي.
الخطوة التالية المتوقعة هي تشكيل لجان عمل مشتركة من قبل الهيئة والمعهد، لوضع خطة تنفيذية مفصلة لمذكرة التفاهم، وتحديد المهام والمسؤوليات لكل طرف. من المنتظر أن تبدأ هذه اللجان عملها في غضون الأشهر القليلة القادمة، وأن تقدم تقريرًا عن نتائجها في موعد أقصاه نهاية عام 2025. يبقى من المبكر تحديد مدى نجاح هذه الشراكة، لكنها بالتأكيد تمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في تنمية القطاعات غير النفطية وتعزيز الهوية الثقافية.






