اختتمت أعمال مؤتمر “شمولية المقاصد السياحية المعاصرة” في بغداد، العراق، مؤكدًا على أهمية تطوير قطاع السياحة في المنطقة العربية وتعزيز التعاون المشترك. جاء المؤتمر، الذي رعته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ووزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، كثمرة جهود مشتركة لتبني رؤية شاملة لتطوير **السياحة العربية** بما يتناسب مع التحديات والفرص المعاصرة. ويهدف المؤتمر إلى وضع استراتيجيات عملية لزيادة الجاذبية السياحية للدول العربية.
عقد المؤتمر في العاصمة العراقية بغداد على مدار عدة أيام، بمشاركة خبراء ووزراء من مختلف الدول العربية، بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات الدولية المعنية بالسياحة. ركز النقاش على ضرورة تنويع المنتجات السياحية، والاستثمار في البنية التحتية، وتسهيل إجراءات السفر، وتعزيز التسويق السياحي المشترك. وتعد هذه الخطوة جزءًا من جهود أوسع لتعزيز مكانة العراق كوجهة سياحية.
أهمية تطوير شمولية المقاصد السياحية المعاصرة
تكمن أهمية التركيز على “شمولية المقاصد السياحية المعاصرة” في الحاجة إلى الابتعاد عن النماذج التقليدية للسياحة التي غالبًا ما تركز على المعالم الأثرية والتاريخية فقط. يشدد الخبراء على ضرورة تقديم تجارب سياحية متكاملة تشمل الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية. هذا النهج الشامل يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الفوائد الاقتصادية للسياحة للمجتمعات المحلية.
التحديات التي تواجه السياحة العربية
تواجه **السياحة في العراق** والمنطقة العربية بشكل عام عدة تحديات، من بينها عدم الاستقرار السياسي والأمني في بعض الدول. بالإضافة إلى ذلك، تعاني بعض الوجهات السياحية من نقص في البنية التحتية المتطورة، مثل الفنادق والمطارات والطرق. كما أن التسويق السياحي غالبًا ما يكون غير فعال، ولا يستهدف الشرائح المناسبة من السياح.
مقترحات وتوصيات المؤتمر
قدم المشاركون في المؤتمر مجموعة من المقترحات والتوصيات التي تهدف إلى التغلب على هذه التحديات. من بين هذه المقترحات، تطوير استراتيجيات تسويقية مبتكرة تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي. كما تم التأكيد على أهمية الاستثمار في تدريب الكوادر السياحية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسياح.
بالإضافة إلى ذلك، دعا المؤتمر إلى تعزيز التعاون الإقليمي في مجال السياحة، من خلال تبادل الخبرات والمعلومات، وتنظيم فعاليات سياحية مشتركة. واقترح المشاركون إنشاء صندوق عربي للاستثمار في المشاريع السياحية، بهدف توفير التمويل اللازم لتطوير القطاع. وتشمل هذه المشاريع تطوير المواقع الأثرية، وإنشاء الفنادق والمنتجعات، وتحسين البنية التحتية للنقل.
دور جامعة الدول العربية ووزارة الثقافة العراقية
لعبت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية دورًا محوريًا في تنظيم المؤتمر، وتوفير الدعم اللوجستي والإداري اللازم. وقد أكدت الجامعة على التزامها بدعم جهود تطوير السياحة في الدول العربية، وتعزيز التعاون المشترك في هذا المجال. وقالت مصادر في الجامعة أن المؤتمر يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية عربية موحدة للسياحة.
من جانبها، أعربت وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية عن تقديرها للدعم الذي قدمته جامعة الدول العربية، وللمشاركين في المؤتمر. وأكدت الوزارة على أهمية السياحة في تنويع مصادر الدخل الوطني، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وذكرت الوزارة في بيان لها أن العراق يمتلك إمكانات سياحية هائلة، وأنها تعمل على تطوير هذه الإمكانات لجذب المزيد من السياح.
وتشير التقارير إلى أن العراق يسعى إلى استعادة مكانته كوجهة سياحية رئيسية في المنطقة، بعد سنوات من الصراع وعدم الاستقرار. وقد بدأت الحكومة العراقية في تنفيذ عدد من المشاريع السياحية، بهدف تحسين البنية التحتية، وتطوير الخدمات المقدمة للسياح. وتشمل هذه المشاريع ترميم المواقع الأثرية، وإنشاء الفنادق والمطاعم، وتحسين وسائل النقل.
بالتوازي مع ذلك، هناك اهتمام متزايد بتطوير **السياحة الدينية** في العراق، نظرًا لوجود العديد من الأماكن المقدسة في البلاد. وتشير الإحصائيات إلى أن السياحة الدينية تمثل جزءًا كبيرًا من إجمالي الإيرادات السياحية في العراق. وتعمل الحكومة العراقية على تسهيل إجراءات السفر للمعتمرين والزوار، وتوفير الخدمات اللازمة لهم.
كما يركز العراق على تطوير **السياحة الثقافية**، من خلال تنظيم المهرجانات والفعاليات الثقافية، والترويج للحرف اليدوية التقليدية. وتشير التقديرات إلى أن السياحة الثقافية يمكن أن تساهم بشكل كبير في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وتعمل وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية على التعاون مع المنظمات الدولية المعنية بالثقافة، بهدف تطوير السياحة الثقافية في العراق.
في الختام، من المتوقع أن تقوم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتشكيل لجنة فنية لدراسة توصيات المؤتمر، ووضع خطة عمل لتنفيذها. ومن المقرر أن تقدم اللجنة تقريرها إلى المجلس التنفيذي للجامعة في غضون ثلاثة أشهر. يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذه التوصيات إلى إجراءات عملية على أرض الواقع، وهو ما يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وستظل التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل **السياحة المستدامة** في العراق والدول العربية الأخرى.






