تواجه تشيمين تشيان، وهي مواطنة صينية تبلغ من العمر 47 عامًا، حكمًا بالسجن لمدة 11 عامًا و8 أشهر بتهمة الاحتيال وغسل الأموال المتصل بـالبيتكوين. يأتي هذا الحكم بعد تحقيق دولي استمر لسنوات، وكشف عن عملية احتيال واسعة النطاق استهدفت أكثر من 128 ألف شخص في الصين. وتعتبر هذه القضية من أكبر عمليات الاحتيال الرقمي التي تم الكشف عنها على مستوى العالم.

وقد قضت محكمة بريطانية بسجن شريكها، سينغ هوك لينغ، لمدة 4 سنوات و11 شهرًا لدوره في تسهيل غسل الأموال المسروقة. وتشير التقديرات إلى أن قيمة البيتكوين المسروقة تبلغ حوالي 7.3 مليار دولار أمريكي، مما يجعلها أكبر عملية مصادرة للعملات المشفرة في التاريخ، متجاوزةً عملية مماثلة في الولايات المتحدة عام 2022.

عملية احتيال معقدة في عالم العملات الرقمية

بدأت القضية في عام 2014، حيث أقنعت تشيان، التي عُرفت بـ “ملكة البيتكوين” آنذاك، حوالي 130 ألف مواطن صيني بالاستثمار في شبكة احتيالية وعدت بعائدات تصل إلى 300% على استثماراتهم الأولية. لكن هذه الوعود لم تتحقق، واستولت تشيان وشبكتها على أموال المستثمرين.

وبحسب شرطة العاصمة البريطانية، قامت تشيان بتحويل جزء من الأموال المسروقة إلى أصول أخرى منها النقد والمجوهرات والعملات الرقمية الجديدة، قبل أن تهرب إلى الولايات المتحدة تحت اسم مستعار. وقد تمكنت السلطات البريطانية من تتبع الأموال ومصادرتها، في عملية تعاون دولية.

تطورات القضية والتحقيقات الدولية

التحقيق في هذه القضية استمر لمدة سبع سنوات منذ القبض على تشيان في عام 2017. وقد تطلب الأمر تعاونًا وثيقًا بين السلطات الصينية والبريطانية والأمريكية لتتبع الأموال وملاحقة المتورطين. وقد ساهمت التطورات في تقنيات تحليل سلسلة الكتل (Blockchain) في الكشف عن مسار المعاملات المالية غير القانونية.

بالإضافة إلى ذلك، كشفت التحقيقات أن سينغ هوك لينغ ساعد في غسل الأموال المسروقة من خلال حسابات بنكية متعددة وشبكة من الشركات الوهمية. وقد اعترف لينغ بالتهم الموجهة إليه وتعاون مع السلطات في استعادة بعض الأموال.

أثر القضية على سوق العملات المشفرة والتنظيمات

تأتي هذه القضية في وقت يشهد فيه سوق العملات المشفرة تقلبات كبيرة وتزايدًا في عمليات الاحتيال. وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى تعزيز الرقابة والتنظيم في هذا المجال لحماية المستثمرين وضمان سلامة السوق.

ويرى خبراء في مجال الأمن السيبراني أن هذه القضية يجب أن تكون بمثابة تحذير للمستثمرين لتوخي الحذر والتحقق من مصداقية المشاريع الرقمية قبل استثمار أموالهم. كما أن عمليات الاحتيال هذه تزيد الضغط على الحكومات لوضع قوانين ولوائح أكثر صرامة لتنظيم العملات الرقمية.

وكانت المملكة المتحدة قد سجلت عملية مصادرة سابقة لعملات مشفرة بقيمة 3.6 مليار دولار في عام 2022، لكن المصادرة الأخيرة تجاوزت ذلك بكثير. ويعكس هذا الاتجاه المتزايد اهتمام السلطات بمكافحة الجرائم المالية المرتبطة بالعملات المشفرة.

من المتوقع أن تستمر السلطات في متابعة تحقيقاتها في هذه القضية وتحديد جميع الأصول التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني. كما يُنتظر أن يتم اتخاذ إجراءات قانونية إضافية ضد أي أفراد أو شركات أخرى متورطة في هذا المخطط الاحتيالي. وسيتم متابعة تطورات هذه القضية عن كثب لمعرفة ما إذا كان سيتم استرداد المزيد من الأموال المسروقة وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات في التنظيمات الخاصة بالعملات المشفرة على مستوى العالم.

شاركها.