وقّع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، قانون المالية الخاص بموازنة البلاد لعام 2026، والتي تعد الأكبر في تاريخ الجزائر بقيمة إجمالية تتجاوز 135 مليار دولار. يأتي هذا التوقيع بعد مصادقة البرلمان على القانون، ويشكل خطوة حاسمة في تحديد المسار الاقتصادي للبلاد خلال العام القادم. تعتبر هذه الموازنة ذات أهمية خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والجهود المبذولة لتحسين مستوى معيشة المواطنين.

جرت مراسم التوقيع بمقر رئاسة الجمهورية بحضور أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين في الدولة، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية. ويأتي هذا الإجراء في أعقاب مناقشات مطولة في البرلمان حول تفاصيل الموازنة وتعديلاتها، بهدف تحقيق التوازن بين الإنفاق العام والإيرادات المتوقعة.

قانون المالية 2026: نظرة عامة

يتضمن قانون المالية لعام 2026 أكبر موازنة في تاريخ الجزائر، حيث تتجاوز 135 مليار دولار، بزيادة قدرها 8 مليارات دولار عن موازنة عام 2025. وكانت الجزائر قد اعتمدت موازنة بقيمة 128 مليار دولار في عام 2025، مقابل 113 مليار دولار في عام 2024، مما يعكس اتجاها تصاعديا في الإنفاق العام. تهدف هذه الزيادة إلى دعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستثمار وتحسين الخدمات العامة.

بعد توقيع الرئيس تبون على القانون، سيتم إرساله إلى الأمانة العامة للحكومة لنشره في الجريدة الرسمية، قبل دخوله حيز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني. هذه الخطوة ضرورية لضمان تطبيق القانون بشكل رسمي وملزم لجميع الجهات المعنية.

دعم القدرة الشرائية للمواطنين

حسب وكالة الأنباء الجزائرية، يتضمن قانون المالية الجديد إجراءات جديدة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين مستويات المعيشة، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير السلع الأساسية في الأسواق. تشمل هذه الإجراءات زيادة في الأجور والمعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى دعم أسعار المواد الغذائية الأساسية.

كما يتضمن القانون تدابير لدعم الاستثمار وتحفيز المؤسسات من خلال تبسيط الإجراءات الضريبية وتشجيع الشركات الناشئة ودعم المصدرين. تهدف هذه التدابير إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتعزيز الصادرات غير النفطية، وتنويع مصادر الدخل الوطني.

أهداف الموازنة وتوقعات النمو

أوضح وزير المالية عبد الكريم بوالزرد خلال مناقشات البرلمان أن الموازنة الجديدة تهدف إلى تعزيز أداء الاقتصاد الوطني، لا سيما في القطاعات غير النفطية. وتشير التوقعات إلى أن معدل النمو الاقتصادي للبلاد قد يبلغ 4.1% في عام 2026، و4.4% في عام 2027، و4.5% في عام 2028، مدفوعًا بالأداء المتوقع للقطاعات خارج قطاع النفط والغاز. يعتبر هذا النمو المتوقع مؤشرًا إيجابيًا على قدرة الاقتصاد الجزائري على التكيف مع التغيرات العالمية وتحقيق التنمية المستدامة.

وتشير المؤشرات الأساسية لـقانون المالية إلى أن الموازنة تتضمن زيادة في كتلة الأجور بنحو 4.1% لتصل إلى 45 مليار دولار، وهو ما يعادل الثلث من ميزانية الدولة. كما تم تخصيص 5 مليارات دولار لدعم المواد ذات الاستهلاك الواسع مثل الحبوب والحليب والماء، و3 مليارات دولار لتحويلات موجهة للأشخاص المستفيدين من منحة البطالة، الذين يتجاوز عددهم المليونين. بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص 31 مليار دولار لنفقات الاستثمار.

ومع ذلك، يتوقع المشروع وجود عجز في الموازنة يصل إلى 40 مليار دولار في عام 2026، أي ما يعادل 12.4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. يمثل هذا العجز تحديًا كبيرًا للحكومة، ويتطلب اتخاذ إجراءات إضافية لزيادة الإيرادات وتقليل الإنفاق العام.

من المتوقع أن تشهد الأشهر القليلة القادمة تركيزًا على تنفيذ قانون المالية الجديد ومراقبة تأثيره على الاقتصاد الوطني. سيكون من المهم متابعة تطورات أسعار النفط العالمية، وتقلبات أسعار الصرف، والتغيرات في السياسات النقدية، لتقييم مدى نجاح الموازنة في تحقيق أهدافها المنشودة. كما سيكون من الضروري إجراء تقييم دوري لأداء الموازنة وتعديلها حسب الحاجة، لضمان استمراريتها وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

شاركها.