فاز حزب الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي في الانتخابات النصفية التي أُجريت الأحد، في نتيجة تمنح الزعيم الليبرتاري موقعاً أقوى داخل البرلمان، بينما يسعى إلى تمرير إصلاحات كبرى لدعم اقتصاد البلاد المتعثر.
حصل حزب ميلي “الحرية تتقدم” على 41% من الأصوات على مستوى البلاد بعد فرز 92% من صناديق الاقتراع، وفقاً لبيانات صادرة عن وزير الداخلية غييرمو فرانكوس يوم الأحد. وتصدر الحزب نتائج معظم مقاطعات الأرجنتين.
وقال فرانكوس إن حزب ميلي فاز بـ64 مقعداً من أصل 127 مقعداً كانت مطروحة في انتخابات مجلس النواب، ما يضع الحزب في موقع يتيح له امتلاك نحو ثلث مقاعد المجلس الأدنى، ويضمن حماية الفيتو الرئاسي الذي كان نواب المعارضة قد تجاوزوه في الأشهر الماضية لإقرار قوانين إنفاق جديدة.
انعكاسات سياسية واقتصادية بعد الخسارة السابقة
تأتي هذه النتيجة بعد أن مُني حزب ميلي بهزيمة ساحقة أمام المعارضة البيرونية (نسبة إلى الرئيس السابق خوان بيرون) في الانتخابات المحلية بمقاطعة بوينس آيرس في سبتمبر، ما تسبب حينها في موجة بيع للبيزو الأرجنتيني وسط مخاوف المستثمرين بشأن مكانة الرئيس لدى الناخبين.
اقرأ أيضاً: هزة في الأصول الأرجنتينية بعد خسارة حزب ميلي لانتخابات بوينس آيرس
وقد دفعت تلك التراجعات إدارة دونالد ترمب إلى تمديد خط دعم مالي للأرجنتين لمساعدة عملتها وحكومتها.
من المرجح أن تشهد الأسواق صعوداً يوم الإثنين مع تلاشي حالة عدم اليقين الانتخابي، بينما يبدأ حزب ميلي، الذي كان يملك سابقاً نحو 15% فقط من المقاعد، في التركيز على الإصلاحات الاقتصادية الأساسية التي حددها الرئيس، وتشمل خفض الضرائب، وتخفيف قوانين حماية العمال، وإصلاح نظام التقاعد.
وكانت السندات الأرجنتينية، التي حققت أكبر مكاسب بين الأسواق الناشئة العام الماضي، قد تراجعت بعد خسارة سبتمبر وحزمة الدعم الأميركية.
ارتفع البيزو في سوق العملات المشفرة بعد تأكيد السلطات تحقيق نتيجة قوية لحزب ميلي، إذ صعد إلى نحو 1390 بيزو مقابل الدولار، وفقاً لمنصة التداول “ليمن” (Lemon).
وقال ألبرتو راموس، المدير العام ورئيس أبحاث الاقتصاد الكلي لأميركا اللاتينية في مجموعة “غولدمان ساكس”: “إنها نتيجة قوية وحاسمة للغاية لحزب ميلي، ومن شأنها أن تمنح إدارته شرعية جديدة ورصيداً سياسياً، وإذا استُخدم جيداً فسيعزز القدرة على الحكم، وهو ما يبشّر أيضاً باستمرار الدعم المالي القوي من الولايات المتحدة”.
تراجع واضح لحزب بيرون واستمرار الدعم الأميركي
حصل التكتل الرئيسي للحزب البيروني على 24.5% فقط من الأصوات يوم الأحد، وهو مستوى أدنى بكثير مما ناله في الانتخابات الشهر الماضي.
وحتى مع الأحزاب المحلية المتحالفة معه، بلغ مجموع أصوات الحزب نحو 32%، بحسب إحصاء صحيفة “كلارين”. أما حزب “فويرزا باتريا” فكان مدرجاً في بطاقات الاقتراع في 14 مقاطعة فقط من أصل 24.
جاء فوز ميلي ليعزز أيضاً الدعم الاستثنائي الذي قدّمه وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت للأرجنتين. فقبل الانتخابات مباشرة، وقّعت الولايات المتحدة اتفاقاً لتبادل العملات بقيمة 20 مليار دولار مع بوينس آيرس لدعم البيزو المتعثر، الذي فقد أكثر من 30% من قيمته منذ بداية العام.
كما قامت الولايات المتحدة بشراء البيزو مباشرة قبل الاقتراع، وتنسّق حالياً دعماً مالياً إضافياً من بنوك وول ستريت لصالح إدارة ميلي. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد استقبل ميلي في البيت الأبيض قبل أسبوعين، وبرز الأخير كأحد أبرز مؤيدي ترمب في الخارج.
ويأتي هذا الدعم إلى جانب برنامج الأرجنتين البالغة قيمته 20 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي، والذي بدأ في أبريل الماضي.
اقرأ أيضاً: “صندوق النقد” بصدد مراجعة برنامج الأرجنتين تمهيداً لقرض جديد
قد يساعد هذا الانتصار السياسي ميلي على طيّ صفحة صعبة، إذ واجه الرئيس وحزبه هذا العام ثلاث فضائح فساد، في وقت تسببت فيه تباطؤات الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة في تراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ توليه الحكم، قبل أن تمنحه نتيجة الأحد دفعة جديدة على طريق استعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي.






