أظهرت دراسة حديثة أن برامج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعزز بشكل كبير دقة فحص عيوب القلب الخلقية لدى الأجنة، مما يوفر أداة قيمة للأطباء لتحسين الرعاية الصحية قبل الولادة. تحليل الفحوصات بالموجات فوق الصوتية باستخدام الذكاء الاصطناعي أدى إلى زيادة ملحوظة في اكتشاف الحالات المشتبه بها وتقليل الوقت اللازم للمراجعة. تأتي هذه النتائج في وقت يزداد فيه التركيز على الاستفادة من التكنولوجيا في مجال الطب التشخيصي.

تحسين الكشف عن عيوب القلب الخلقية باستخدام الذكاء الاصطناعي

تم إجراء الدراسة بواسطة باحثين بالتعاون مع شركة برايت هارت الطبية، وشملت تحليل 200 فحص بالموجات فوق الصوتية للأجنة في الفترة بين الأسبوع 18 و 22 من الحمل. تم جمع البيانات من مراكز طبية في دولتين، مع التركيز بشكل خاص على الفحوصات التي تضمنت نتائج غير مؤكدة. تهدف هذه الأبحاث إلى تطوير أدوات تساعد في تقليل الأخطاء التشخيصية وتحسين فرص التدخل المبكر.

شارك في الدراسة 14 طبيباً متخصصاً، منهم 7 في أمراض النساء والولادة و7 في حالات الحمل عالية الخطورة. قام الأطباء بمراجعة الفحوصات بشكل عشوائي، مرة بمساعدة الذكاء الاصطناعي ومرة بدونها، لتقييم قدرتهم على تحديد العلامات التي قد تشير إلى وجود عيب خطير في القلب. تم تصميم عملية المراجعة لتقليد سيناريوهات العمل الواقعية قدر الإمكان.

نتائج الدراسة وتأثيرها

أظهرت النتائج، التي نشرت في دورية أمراض النساء والتوليد، تحسناً كبيراً في معدل اكتشاف الحالات المشتبه بها عند استخدام الذكاء الاصطناعي. ارتفع معدل الرصد الإجمالي من 82% إلى أكثر من 97%. بالإضافة إلى ذلك، انخفض الوقت اللازم لمراجعة الفحص بنسبة 18%، وتحسنت درجات الثقة لدى الأطباء بنسبة 19%.

وفقًا للدكتور أندريه ريباربر من كلية إيكان للطب في مستشفى ماونت سيناي، فإن هذه الدراسة تشير إلى إمكانات كبيرة لبرامج الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة الكشف عن تشوهات القلب وتقليل التباين في الرعاية الصحية على مستوى العالم. يؤكد الدكتور ريباربر على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُنظر إليه كأداة مساعدة للطبيب، وليس كبديل عنه.

تعتبر هذه النتائج مهمة بشكل خاص في المناطق التي تعاني من نقص في المتخصصين في طب القلب الخلقي. يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تزويد الأطباء غير المتخصصين بالدعم اللازم لتحديد الحالات التي تتطلب مزيدًا من التقييم. هذا يمكن أن يؤدي إلى تحسين النتائج الصحية للأطفال المصابين بـأمراض القلب.

ومع ذلك، يشدد الباحثون على أن هذه الدراسة هي مجرد خطوة أولى في استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال التصوير التشخيصي قبل الولادة. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد أفضل الطرق لدمج هذه التقنيات في الممارسة السريرية وتقييم تأثيرها على المدى الطويل.

من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الرعاية الصحية. تشمل المجالات الواعدة الأخرى تطوير خوارزميات يمكنها التنبؤ بخطر الإصابة بعيوب القلب الخلقية بناءً على البيانات الوراثية والبيئية. سيستمر التركيز على تحسين دقة وسرعة التشخيص، بالإضافة إلى تقليل التكاليف وتحسين إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية.

في الختام، تشير هذه الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث ثورة في طريقة فحص وتشخيص عيوب القلب الخلقية. من المقرر إجراء المزيد من الأبحاث لتقييم هذه التقنيات بشكل كامل وتحديد أفضل الطرق لتطبيقها في الممارسة السريرية بحلول نهاية عام 2026. من المهم مراقبة التقدم المحرز في هذا المجال وتقييم تأثيره على صحة الأم والطفل.

شاركها.