8/7/2025–|آخر تحديث: 14:15 (توقيت مكة)
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن تفاصيل الكمين الذي تعرض له جيش الاحتلال الليلة الماضية في بيت حانون شمالي قطاع غزة، تشير إلى عملية نوعية جرى التخطيط لها بعناية في منطقة لطالما اعتقد الاحتلال أنه بسط سيطرته عليها، محذرا من الاعتماد على الرواية الإسرائيلية وحدها.
وأوضح الدويري، في تحليله لتفاصيل الهجوم، أن الموقع الذي شهد الكمين سبق أن شهد عمليات مماثلة نفذتها المقاومة الفلسطينية، وتحديدا كتيبة بيت حانون التي تميزت بتكتيكات الكمائن، إلا أن ما يميز العملية الأخيرة هو تنفيذها ليلا، في تطور يعكس قدرة لوجستية واستطلاعية متقدمة للمقاومة.
وكان تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي كشف أن الهجوم الذي استهدف قواته شمالي قطاع غزة أودى بحياة 5 جنود وأصاب 14 آخرين، بينهم ضابط كبير، بعد أن وقعت كتيبتان إسرائيليتان في كمين محكم نفذته المقاومة عبر تفجير متسلسل لعبوات ناسفة تلاه إطلاق نار كثيف.
وأشار اللواء الدويري إلى أن المعلومات الواردة من الجانب الإسرائيلي “متقاطعة ومتضاربة”، مما يستدعي انتظار ما ستكشفه كتائب القسام -الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- من تفاصيل رسمية لاحقا.
ولفت إلى أن إحدى القوتين المستهدفتين كانت من كتيبة “نتساح يهودا”، وهي وحدة من الجنود اليهود الأرثوذكس، وكانت تتحرك سيرا على الأقدام ليلا في خطوة “غريبة” بالنظر إلى المخاطر الأمنية.
الرصد الليلي
وأكد أن اختيار التسلل الراجل في منطقة مكشوفة يدل على أن جيش الاحتلال افترض خطأ أن المقاومة غير قادرة على الرصد الليلي، معتبرا أن هذه الحسابات الخاطئة شكلت مدخلا رئيسيا لنجاح العملية.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت أن عملية الإخلاء جرت وسط ظروف معقدة استمرت لساعات طويلة، بسبب تعرض فرق الإنقاذ نفسها للاستهداف بعبوات ناسفة ونيران مباشرة. كما نُقل الجنود القتلى والجرحى بمروحيات إلى عدة مستشفيات، في مشهد عكس حجم الخسائر وتعقيد الميدان.
واعتبر الدويري أن تمكن المقاومة من تنفيذ الكمين على بعد لا يزيد عن 1000 متر من السياج الحدودي، رغم مرور نحو 620 يوما على الاجتياح الإسرائيلي، يعكس استمرار فاعلية شبكة الأنفاق التي تستخدمها المقاومة، بل وتطورها كما حدث في كمين خان يونس، جنوبي القطاع، قبل أشهر.
وشدد على أن نجاح المقاومة في زراعة 4 عبوات ناسفة بهذا الشكل المتسلسل والدقيق في منطقة مدمرة ومجرفة، يدل على اختراق استخباري ميداني وقدرة على الرصد الطويل لتحركات جيش الاحتلال، مما مكن المقاتلين من اختيار التوقيت الأنسب للهجوم.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية أفادت بأن قوة “نتساح يهودا” التابعة للواء “كفير” تعرضت لتفجير 4 عبوات بشكل متتال، بدأ باستهداف دبابة ثم قوات إنقاذ متعاقبة، في منطقة يفترض أنها ضمن نطاق السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
إيجابيات وسلبيات
وتحدث الدويري عن أثر الظلام في المعركة، مؤكدا أن الليل يمنح المقاومة بعض الإيجابيات رغم ما تفرضه من قيود، إذ تعوّل قوات الاحتلال على تقنيات الرؤية الليلية، لكن فعاليتها تتراجع عند مواجهة مقاتلين يتحركون عبر الزحف البطيء والتخفي بين الأنقاض.
وأشار إلى أن العملية تم تنفيذها على الأرجح بعد مراقبة طويلة لأنماط تحرك الجيش الإسرائيلي، في حين كانت القوات المعادية مطمئنة لغياب الخطر في تلك المنطقة، وهو ما جعلها تعتمد على دوريات راجلة دون حماية مدرعة.
وكانت كتائب القسام قد علّقت على العملية بنشر صورة على تليغرام تحمل عبارة “سندك هيبة جيشكم”، في إشارة إلى رسالتها من خلف هذا الكمين، كما أعلنت في وقت لاحق استهداف حشود إسرائيلية شمال خان يونس بقذائف هاون.
وتشهد مناطق متفرقة من قطاع غزة تصاعدا في عمليات المقاومة خلال الأسابيع الماضية، إذ أوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي، وكان شهر يونيو/حزيران الماضي الأكثر دموية بالنسبة للقوات الإسرائيلية منذ بدء الحرب، بحسب وسائل إعلام عبرية.