اختتم الدولار الأميركي شهر أكتوبر محققاً ثاني أفضل أداء شهري له خلال العام الجاري، في ظل غياب البيانات الرسمية التي تسببت في غموض الرؤية بشأن مسار الاقتصاد الأميركي واتجاه السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي.

ارتفع مؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري لليوم الثالث على التوالي، لتصل مكاسب أكتوبر إلى 1.6%. وحصلت العملة الأميركية على دعم هذا الأسبوع بعد تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي أشار إلى أن خفض الفائدة مجدداً خلال العام الجاري “غير مؤكد إطلاقاً”. في المقابل، تتأثر عملات الاقتصادات المتقدمة الأخرى، مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، بتحديات محلية.

صعود الدولار الأميركي

قالت الخبيرة الاستراتيجية في “تي دي سيكيوريتز”، جاياتي بهارادواج: “نتوقع استمرار صعود الدولار الأميركي لفترة أطول قليلاً في ظل غياب بيانات أميركية رئيسية، وتركز الأنظار على التطورات في الخارج. هناك كثيراً من المخاطر المالية والانتخابية تبدأ من فرنسا ثم اليابان ثم المملكة المتحدة”.

اقرأ المزيد: الدولار يسجل أعلى مستوى منذ أغسطس وسط تصاعد التوترات التجارية

كان العام الجاري إجمالاً سيئاً للدولار الأميركي، إذ سجل المؤشر أسوأ أداء في النصف الأول منذ عام 1973، بعدما أحدثت سياسات الرسوم الجمركية الأميركية اضطرابات في سوق العملات الأجنبية التي تبلغ قيمتها 9.6 تريليون دولار يومياً. غير أن ارتفاع أكتوبر الجاري قلص خسائر الدولار السنوية إلى ما دون 7%.

في الوقت نفسه، أسهم إغلاق الحكومة الفيدرالية –الذي دخل يومه الحادي والثلاثين– في دعم العملة الأميركية، مع عدم وضوح موعد صدور المؤشرات الاقتصادية الأساسية قبل اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المقبل في ديسمبر المقبل.

قال مدير استراتيجيات الدخل الثابت والعملات في “بايونير إنفستمنتس”، بارش أوباديايا: “غياب البيانات الأميركية جعل من الصعب على المستثمرين استشراف اتجاه الاقتصاد الأميركي. أرى مؤشرات على أن الاقتصاد الأميركي سيبلغ أدنى مستوياته في الربع الرابع، مع احتمالات قوية لتسارع النمو في 2026”.

رهانات على هبوط الدولار

بدأ بعض المستثمرين الذين يراهنون على هبوط الدولار في تغيير مواقفهم، إذ تحول محللو “مورغان ستانلي” إلى موقف محايد تجاه العملة أمس، مشيرين إلى “صلابة النمو الأميركي واحتمال ارتفاع توقعات الحد الأدنى لمعدل فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي”، ولم يعودوا يوصون ببناء مراكز شرائية في اليورو أو الين الياباني على حساب الدولار.

طالع أيضاً: أبرز الاستنتاجات من قرار الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة

وفي أوروبا، تواجه الحكومة البريطانية ضغوطاً لزيادة ضريبة الدخل لسد فجوة متنامية في المالية العامة، بينما دفعت الأزمات المالية في فرنسا وكالتي “فيتش” و”إس أند بي غلوبال” إلى خفض التصنيف الائتماني السيادي للبلاد. أما في اليابان، فقد أمرت رئيسة الوزراء الجديدة سناي تاكايتشي بحزمة اقتصادية لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، ما أسهم في تراجع الين مع توقعات المستثمرين بزيادة الإنفاق الحكومي.

في الولايات المتحدة الأميركية، خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية تماشياً مع التوقعات، بينما أبقى كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان على أسعار الفائدة دون تغيير الأسبوع الجاري.

تراجع اليورو إلى أدنى مستوى له منذ مطلع أغسطس مسجلاً نحو 1.1540 دولار، فيما لامس الجنيه الإسترليني أضعف مستوياته منذ أبريل الماضي. أما الين الياباني فقد انخفض أمس إلى أدنى مستوى له أمام الدولار منذ فبراير الماضي، مع غياب أي إشارات على تشديد السياسة النقدية في بنك اليابان.

العملات الآسيوية

كانت العملات الآسيوية أيضاً من بين الأضعف أداءً أمام الدولار الشهر الحالي، إذ كان الين أكبر الخاسرين بعد تراجعه بنحو 4% أمام العملة الأميركية، فيما هبط الوون الكوري الجنوبي –وهو من أكثر العملات حساسية للمخاطر في المنطقة– بأكثر من 1.7%، وسط قلق المستثمرين من تعهد سيؤول باستثمار 350 مليار دولار في الولايات المتحدة، ما أثر سلباً على ثقة المستثمرين.

اقرأ أيضاً: رهانات على تراجع الين إلى 160 مقابل الدولار نهاية هذا العام

كتب كلاوديو بيرون، خبير استراتيجي للدخل الثابت في دول آسيا الناشئة لدى “بنك أوف أميركا”، في مذكرة: “تُعد التغيرات في أسعار الفائدة قصيرة الأجل العامل الأكبر وراء الضغوط على العملات، إذ خفضت البنوك المركزية الآسيوية أسعارها بوتيرة أسرع من الاحتياطي الفيدرالي”.

يتوقع التجار استمرار مكاسب الدولار الأميركي حتى نهاية العام الجاري ومطلع 2026، إذ تشير عقود انعكاس المخاطر لشهر واحد إلى أعلى مستويات التفاؤل إزء الدولار الأميركي منذ منتصف أكتوبر الحالي، بينما تشير عقود انعكاس المخاطر لأجل 3 شهور أيضاً إلى قوة العملة الخضراء.

شاركها.