أعلن الدفاع المدني السوداني الأحد السيطرة “تماما” على الحرائق التي اندلعت في المستودعات النفطية الرئيسية ومواقع أخرى في مدينة بورتسودان، في حين قُتل 33 شخصا على الأقل، بينهم 14 فردا من عائلة واحدة، في قصف لقوات الدعم السريع استهدف مخيم أبو شوك للنازحين بمدينة الفاشر.

وقال مدير الدفاع المدني عثمان عطا في بيان: “سيطرنا تماما علي كل الحرائق بالمستودعات الإستراتيجية والمواقع المختلفة ببورتسودان، في ظل ظروف بالغة التعقيد ومخزونات بترولية بكميات كبيرة”، وذلك من خلال “خطة عمل محكمة وبمجهودات كبيرة”.

وكانت الحكومة السودانية اتهمت قوات الدعم السريع -الاثنين الماضي- بشنّ هجوم بمسيّرة أدى إلى اشتعال النيران في مستودع الوقود الرئيسي في المدينة الواقعة شرقي البلاد على البحر الأحمر. وحذّرت حينئذ من “كارثة محتملة” في المنطقة جراء انتشار النيران في مستودعات “ممتلئة بالوقود”.

كما أصابت هجمات الدعم السريع محطة الكهرباء، وميناء بورتسودان، ومطار المدينة الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه “شريان الحياة” للعمليات الإنسانية.

ورغم أن بورتسودان بقيت بعيدة نسبيا عن المعارك منذ اندلاع الحرب في 2023، فإنها تتعرض منذ أسبوع لهجمات شبه يومية بالطائرات المسيرة، في ظل تصاعد استخدام الطرفين لأسلحة بعيدة المدى.

وقال مصدر عسكري إن المضادات الأرضية في منطقتي جبيت وسنكات غرب بورتسودان “أسقطت مسيرتين كانتا تستهدفان منشآت حيوية”، في حين أفاد شهود بأن طائرات مسيرة استهدفت أيضا مطار عطبرة في ولاية نهر النيل.

مجازر ضد المدنيين

وفي غرب السودان، قُتل 33 شخصا على الأقل، بينهم 14 فردا من عائلة واحدة، في قصف لقوات الدعم السريع استهدف مخيم أبو شوك للنازحين بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

وقالت غرفة طوارئ المخيم إن القصف تم مساء الجمعة بالمدفعية الثقيلة، وأدى إلى إصابة عديد من المدنيين.

وفي مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، أفاد مصدر طبي بمقتل 19 سجينا في سجن المدينة وإصابة 45 آخرين نتيجة قصف بطائرة مسيرة نُسب أيضا لقوات الدعم السريع.

ووصفت الحكومة القصف بأنه “جريمة حرب مكتملة الأركان”، ودان المتحدث باسمها، خالد الأعيسر، العملية بشدة.

تهديد بتوقف صادرات النفط

كذلك، حذرت الحكومة السودانية من احتمال توقف عمليات تصدير النفط من السودان وجنوب السودان، بعد استهداف منشآت وخطوط ضخ رئيسية بالطائرات المسيرة.

وكشف وكيل وزارة الطاقة السودانية في رسالة لنظيره في جنوب السودان عن أن طائرة مسيرة قصفت محطة ضخ النفط في منطقة الهودي يوم الجمعة، مما تسبب في “أضرار جسيمة”، مضيفا أن احتمالات “وقف عمليات التصدير أصبحت عالية جدا”.

كما أشار إلى قصف مستودع وقود تستخدمه شركة بابكو السودانية يوم الخميس.

ويعتمد جنوب السودان على البنية التحتية السودانية لتصدير النفط، بموجب اتفاقية تجارية بين البلدين. وكانت السودان قد استأنفت تصدير النفط بداية العام الجاري بعد توقف استمر منذ بداية الحرب في 2023.

غارات جوية

ولمواجهة الضربات المتكررة، صعّد الجيش السوداني هجماته الجوية على مواقع الدعم السريع في مدينتي نيالا والجنينة بدارفور، ودمّر مخازن أسلحة ومعدات عسكرية، وفق ما نقله مصدر عسكري.

وأفاد شهود عيان في المدينتين بسماع انفجارات قوية وتصاعد أعمدة الدخان من جهة المطار.

وتعتمد قوات الدعم السريع على الأسلحة بعيدة المدى والطائرات المسيرة لضرب مواقع الجيش في مناطق بعيدة. وتُتهم حكومة الإمارات بتزويد الدعم السريع بالأسلحة، وهو ما نفته أبو ظبي، رغم أن تقرير منظمة العفو الدولية أشار إلى أدلة على استخدام قنابل صينية الصنع مصدرها الإمارات.

كارثة إنسانية في الفاشر

وتشهد مدينة الفاشر وضعا إنسانيا مأساويا، كونها آخر المدن الرئيسية في دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، إذ تتعرض لقصف يومي أدى إلى مقتل العشرات ونزوح مئات الآلاف من مخيمات أبو شوك وزمزم.

من جهتها، أفادت الأمم المتحدة بأن مخيم زمزم، الذي كان يضم نحو مليون شخص، بات “شبه خال”.

ووثقت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر سقوط أكثر من 750 قذيفة في الأسبوع الأخير من أبريل/نيسان الماضي، وقالت في بيان إن السكان يعيشون “بين قذيفة وقذيفة”، وسط مخاوف من ارتكاب “فظائع على نطاق واسع”، حسب تحذيرات أممية.

تدور الحرب في السودان منذ أبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بعدما انقلب التحالف بين الطرفين إلى صراع دموي للسيطرة على البلاد.

وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتشريد أكثر من 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه، مما جعل الأزمة من “الأسوأ في التاريخ الحديث” وفق توصيف الأمم المتحدة.

شاركها.