أعربت الحكومة اليمنية عن تقديرها العميق للدعم السعودي المستمر، معلنةً في الوقت ذاته حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد. يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوترات في المحافظات الشرقية، وتحديداً حضرموت والمهرة، حيث تتهم الحكومة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالتحرك نحو السيطرة على مناطق حيوية. هذا الدعم السعودي لليمن يمثل عنصراً أساسياً في جهود استعادة الاستقرار والأمن في البلاد.
الأزمة اليمنية والدعم السعودي: نظرة عامة
تعود الأزمة اليمنية إلى عام 2014، مع سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، مما أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة واندلاع صراع مسلح. في مارس 2015، قادت المملكة العربية السعودية تشكيل تحالف دعم الشرعية في اليمن، بهدف استعادة الحكومة المعترف بها دولياً وإعادة الأمن والاستقرار. منذ ذلك الحين، قدمت السعودية مساعدات إنسانية واقتصادية ضخمة لليمن، بالإضافة إلى الدعم العسكري.
إعلان الطوارئ وتداعياته الميدانية والسياسية
أعلنت الحكومة اليمنية، بدعم من مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية. وقالت الحكومة إن هذا الإجراء يهدف إلى مواجهة ما وصفته بـ”التمرد المسلح” في المحافظات الشرقية، والحفاظ على وحدة اليمن وسيادته. يأتي هذا القرار بناءً على توصية من مجلس الدفاع الوطني، واستناداً إلى الدستور.
الأسباب المباشرة لإعلان الطوارئ
تتمثل الأسباب المباشرة لإعلان الطوارئ في تحركات قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة. تتهم الحكومة الانتقالي بالسعي إلى السيطرة على الموارد النفطية والمنافذ البحرية في هذه المناطق، مما يهدد الأمن القومي اليمني. كما تخشى الحكومة من أن تؤدي هذه التحركات إلى إشعال صراعات داخلية وتقويض جهود السلام.
الأهمية الاستراتيجية للمحافظات الشرقية
تحظى المحافظات الشرقية، وخاصة حضرموت والمهرة، بأهمية استراتيجية كبيرة لليمن والسعودية. فهي تضم احتياطيات نفطية هائلة، وموانئ بحرية حيوية على البحر العربي. بالإضافة إلى ذلك، تشترك هذه المحافظات في حدود طويلة مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، مما يجعلها منطقة ذات حساسية أمنية عالية. أي تهديد للأمن في هذه المناطق يمكن أن يؤثر على الأمن الإقليمي بأكمله.
مطالبات الحكومة اليمنية والموقف السعودي
دعت الحكومة اليمنية المجلس الانتقالي الجنوبي إلى سحب قواته بشكل فوري وغير مشروط من المواقع التي سيطر عليها في حضرموت والمهرة، وتسليمها إلى قوات “درع الوطن” والسلطات المحلية. كما شددت على ضرورة الالتزام بمرجعيات المرحلة الانتقالية، التي تشكلت على أساسها هياكل السلطة الحالية.
أكدت الحكومة اليمنية على تقديرها العميق للمواقف التاريخية الراسخة للمملكة العربية السعودية ودورها المحوري في دعم الشرعية. وتعتبر أن الدعم السعودي يمثل حجر الزاوية في مساعي استعادة أمن واستقرار اليمن، وحماية المدنيين، ومنع الانزلاق نحو الفوضى. وتشير مصادر إلى أن السعودية تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة لتهدئة الأوضاع وحث الأطراف المتنازعة على العودة إلى طاولة المفاوضات.
تأثيرات محتملة على جهود السلام الإقليمية
يأتي إعلان الطوارئ في وقت حرج بالنسبة لجهود السلام في اليمن، حيث كانت هناك مبادرات إقليمية ودولية تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة. قد يؤدي التصعيد الحالي إلى تعقيد هذه الجهود وتقويض فرص التوصل إلى حل سلمي.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن الدعم السعودي للحكومة اليمنية قد يساعد في منع انهيار الدولة وتجنب سيناريو أسوأ. كما أن الضغوط الدولية المتزايدة على الأطراف المتنازعة قد تدفعهم إلى إعادة النظر في مواقفهم والعودة إلى المفاوضات.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية المكثفة خلال الأيام القادمة، بهدف احتواء الأزمة ومنع تصعيدها. وستراقب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن كثب التطورات على الأرض، وتقييم تأثيرها على الوضع الإنساني وجهود السلام. يبقى مستقبل اليمن معلقاً على قدرة الأطراف المتنازعة على إيجاد حلول سياسية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني وتحافظ على الأمن والاستقرار الإقليمي.






