أعلنت الحكومة اليمنية عن تسليمها 26 جثة من مقاتلي جماعة أنصار الله (الحوثيين) قُتلوا في معارك بمحافظتي مأرب والجوف. تأتي هذه الخطوة في إطار مبادرة من طرف واحد تهدف إلى إظهار حسن النية، وتهيئة الأجواء لمفاوضات وشيكة حول ملف المحتجزين، وهو ملف بالغ الأهمية لإنهاء الصراع المستمر في اليمن.
جرت عملية التسليم، وفقًا لوكالة الأنباء اليمنية (سبا)، بعد أن تعرف الطرف الآخر على هوية القتلى. يأتي هذا الإجراء في ظل جهود مستمرة لتهدئة الأوضاع في اليمن، والتي تشهد تراجعًا في حدة القتال منذ أبريل 2022، على الرغم من استمرار التوترات الميدانية والسياسية.
مبادرة إنسانية وخطوة نحو مفاوضات حول المحتجزين
أكد رئيس الوفد الحكومي المفاوض في ملف المحتجزين، يحيى كزمان، أن هذه المبادرة تهدف إلى إثبات حسن النية، وفتح الباب أمام إطلاق سراح جميع المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً، وفقًا لمبدأ “الكل مقابل الكل”. وتأتي هذه الخطوة قبل جولة مفاوضات مرتقبة برعاية دولية.
تمت عملية التسليم بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبإشراف من هيئة الأركان العامة والأجهزة الأمنية اليمنية. وتعتبر هذه المبادرة خطوة إيجابية، لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك تحديد العدد الدقيق للمحتجزين لدى الطرفين.
تاريخ ملف المحتجزين في اليمن
يعود ملف المحتجزين إلى بداية الصراع في اليمن عام 2014، حيث قام الطرفان المتحاربان، الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، بالقبض على آلاف المدنيين والعسكريين. تشير التقديرات إلى أن عدد المحتجزين قد يصل إلى 20 ألف شخص، على الرغم من عدم وجود رقم رسمي دقيق.
في أبريل 2023، تم تنفيذ صفقة تبادل أسرى بين الطرفين، بوساطة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، أدت إلى إطلاق سراح حوالي 900 أسير ومحتجز، بمن فيهم أسرى من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية. ومع ذلك، لا يزال هناك الآلاف من المحتجزين في السجون التابعة للطرفين.
التهدئة الحالية وجهود السلام
منذ أبريل 2022، يشهد اليمن فترة من الهدوء النسبي، بعد سنوات من الحرب المدمرة. وقد ساهمت هذه الهدنة في تخفيف المعاناة الإنسانية، وفتح المجال لجهود السلام. ومع ذلك، لا يزال الوضع هشًا، وهناك خطر من تجدد القتال في أي وقت.
في يناير 2025، أطلقت جماعة الحوثي سراح 153 شخصًا تم أسرهم خلال الحرب، في خطوة أحادية الجانب. تأتي هذه الخطوة في سياق الجهود المبذولة لتهيئة الأجواء للمفاوضات المقبلة. وتشمل الجهود أيضًا البحث عن حلول للأزمة الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها اليمن.
تعتبر قضية الأسرى من القضايا الرئيسية التي يجب حلها من أجل تحقيق سلام دائم في اليمن. وتتطلب هذه القضية تعاونًا من جميع الأطراف، بالإضافة إلى دعم دولي.
التحديات التي تواجه عملية تبادل المحتجزين
تواجه عملية تبادل المحتجزين العديد من التحديات، بما في ذلك صعوبة تحديد هوية المحتجزين، والنزاعات حول شروط الإفراج عنهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن سلامة المحتجزين بعد إطلاق سراحهم. وتشمل التحديات أيضًا نقص الموارد اللازمة لتنفيذ عملية التبادل.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى آليات فعالة لمراقبة تنفيذ اتفاقيات تبادل الأسرى، وضمان عدم تكرار عمليات الاحتجاز التعسفي. وتتطلب هذه الآليات تعاونًا من جميع الأطراف، بالإضافة إلى دعم دولي.
تعتبر قضية التبادل الإنساني للأسرى والمحتجزين ذات أهمية قصوى، حيث أنها تمس حياة آلاف الأشخاص وعائلاتهم. وتتطلب هذه القضية معالجة عاجلة، وتضافر الجهود من جميع الأطراف.
من المتوقع أن تعقد جولة مفاوضات جديدة حول ملف المحتجزين في الأيام القادمة، برعاية الشركاء الدوليين. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المفاوضات ستؤدي إلى تحقيق تقدم ملموس. وينبغي مراقبة تطورات الوضع عن كثب، وتقييم فرص تحقيق السلام في اليمن.






