يواجه الجنيه الإسترليني تحديات متزايدة مع تزايد الضغوط على الاقتصاد البريطاني واحتمالية زيادة الضرائب، وفقاً لتحذيرات متزايدة من خبراء ماليين. يتوقع مدير صناديق التحوط ستيفن جين أن يشهد الجنيه تراجعاً أمام العملات الرئيسية، معرباً عن قلقه من أن ارتفاع العبء الضريبي قد يدفع الأثرياء والشركات إلى البحث عن بدائل خارج المملكة المتحدة. هذا التوجه قد يؤثر سلباً على الإيرادات الحكومية ويضعف الاقتصاد بشكل عام.

يأتي هذا التحذير في أعقاب موازنة الأخيرة التي أعلنت عنها وزيرة المالية رايتشل ريفز، والتي تضمنت سلسلة من الزيادات الضريبية. وعلى الرغم من الارتفاع المؤقت الذي سجله الجنيه الإسترليني بعد الإعلان، إلا أن مؤشر بلومبرغ يظهر تراجعاً ملحوظاً في قيمته على مدار السنوات العشر الماضية، ويعزى جزء كبير من هذا الهبوط إلى تبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

توقعات قاتمة لـالجنيه الإسترليني في ظل سياسات ضريبية متصاعدة

يرى ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة Eurizon SLJ Capital ومبتكر نظرية “ابتسامة الدولار”، أن الجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي هما العملتان الأكثر عرضة للخطر في الوقت الحالي. في المقابل، يفضل جين الاستثمار في فرنك سويسري والذهب والعملات المشفرة على المدى الطويل. وتستند رؤيته إلى أفكار الاقتصادي آرثر لافر حول تأثير الضرائب على الاقتصاد.

تشير نظرية “منحنى لافر” إلى أن فرض ضرائب تتجاوز مستوى معيناً قد يؤدي إلى تقليل الإيرادات الحكومية، حيث يقلل من حوافز الأفراد والشركات للعمل والاستثمار. يعتقد جين أن المملكة المتحدة تقترب من هذه “نقطة التحول”، مشيراً إلى مغادرة عدد من الأثرياء للبلاد في الآونة الأخيرة. وقد أكد لافر نفسه على هذا الرأي في تصريحات حديثة.

نزوح رؤوس الأموال والقاعدة الضريبية

حذر جين من أن استمرار الزيادات الضريبية قد يؤدي إلى “نزوح القاعدة الضريبية” في بريطانيا، مما يعني فقدان الإيرادات الحكومية بدلاً من زيادتها. وأوضح أن الحسابات الاقتصادية الحالية تعتمد على افتراض بقاء الأفراد والشركات داخل البلاد، وأن اختفاء هذه القاعدة سيؤدي إلى أخطاء في التقديرات. ويدعو إلى الانتظار لرؤية تأثير هذه السياسات على مدار السنتين أو الثلاث سنوات القادمة.

على الرغم من ذلك، يرى بعض الخبراء أن نظرية لافر قد تكون مبالغاً فيها في سياق الاقتصاد البريطاني المعقد. فقد أعربت آنا أندرادي، الخبيرة الاقتصادية لدى بلومبرغ إيكونوميكس، عن شكوكها في إمكانية تطبيق هذه النظرية بشكل قاطع لتفسير الوضع الراهن، نظراً لتعدد العوامل المؤثرة في المالية العامة.

توقعات بمزيد من الإجراءات الضريبية

يُذكر أن ستيفن جين يتمتع بخبرة طويلة في القطاع المالي، حيث عمل سابقاً في مورغان ستانلي. كما أنه باع حصته الأغلبية في شركة SLJ Macro Partners LLP لمصرف Intesa Sanpaolo في عام 2016. ويعتبر خبيراً في تحليل أسواق العملات.

بالإضافة إلى المخاوف الحالية، يتوقع جين أن تشهد بريطانيا المزيد من الموازنات التي تتضمن زيادات ضريبية في السنوات المقبلة. وقد صرحت وزيرة المالية رايتشل ريفز بأنها لا تستبعد فرض ضرائب إضافية قبل الانتخابات القادمة. ويبقى رد فعل السوق على هذه الإجراءات غير مؤكد.

في الختام، يظل أداء الجنيه الإسترليني مرتبطاً بشكل وثيق بالتطورات الاقتصادية والسياسية في المملكة المتحدة، وخاصةً القرارات المتعلقة بالسياسات الضريبية. من المتوقع أن تستمر الحكومة في تقديم موازنات جديدة، وسيكون من الضروري مراقبة تأثير هذه الموازنات على الاقتصاد وقوة الجنيه خلال الأشهر والسنوات القادمة. سيراقب المستثمرون عن كثب بيانات النمو الاقتصادي، ومعدلات التضخم، وردود فعل السوق على أي إجراءات ضريبية جديدة لتقييم مستقبل العملة البريطانية.

شاركها.