أعلنت السلطات الجزائرية اليوم السبت إخماد جميع حرائق الغابات والأدغال والأحراش في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الحريق الكبير الذي اندلع في ولاية تيبازة الساحلية غرب العاصمة. وقد استدعى هذا الحريق إجلاء العشرات من العائلات نتيجة لتصاعد ألسنة اللهب وانتشارها السريع.
وبحسب بيان صادر عن الحماية المدنية الجزائرية، فقد تم إخماد ما مجموعه 55 حريقًا اندلع في 14 ولاية موزعة بين غرب ووسط وشرق البلاد، منذ بداية صباح يوم الجمعة. ولا تزال فرق الإطفاء تحتفظ بخمس بؤر حرائق تحت المراقبة الدقيقة لتجنب أي اشتعال مجدد.
حرائق تيبازة تحت السيطرة
في ولاية تيبازة، تركزت جهود الإطفاء على عدة مناطق رئيسية متضررة، حيث تمكنت فرق الحماية المدنية من السيطرة على الحرائق في غابات بوخليجة وعمارشة وبوزولة وشولة، بالإضافة إلى دوار الإخوة مرسلي. وأكد البيان استمرار عمليات الحراسة في بعض المواقع حرصًا على عدم تجدد الحرائق بسبب الرياح أو ارتفاع درجات الحرارة.
تراجع درجات الحرارة وتوقف الرياح الجنوبية
تتوقع مديرية الأرصاد الجوية الجزائرية تراجعًا ملحوظًا في درجات الحرارة خلال الأيام القادمة، بعد فترة من الارتفاع غير المسبوق الذي ساهم في انتشار حرائق الغابات. ومن المتوقع أيضًا توقف هبوب الرياح الجنوبية الحارة، المعروفة محليًا باسم “الشيهيلي”، والتي لعبت دورًا حاسمًا في اتساع رقعة الحرائق وتفاقم الأوضاع.
ومن المنتظر أن تشهد البلاد عودة الأمطار ابتداءً من يوم الاثنين، مع توقعات بتساقط الثلوج على المناطق الجبلية بنهاية الأسبوع. ويعتبر هذا التحول في الأحوال الجوية بمثابة فرصة لترطيب الغطاء النباتي وتقليل خطر اندلاع حرائق جديدة.
جهود الإطفاء والمشاركة المجتمعية
شارك في عمليات الإطفاء وحدات متخصصة من الجيش الجزائري، حيث تم استخدام طائرتين قاذفتين للمياه من نوع BE200. بالإضافة إلى ذلك، عملت فرق الحماية المدنية وحراس الغابات جنبًا إلى جنب مع المواطنين المحليين لإخماد النيران وتقديم المساعدة للمتضررين.
وتعد هذه الحرائق من بين الأسوأ التي تشهدها الجزائر منذ سنوات، حيث أدت إلى خسائر فادحة في الغابات والموارد الطبيعية. وتشير التقارير الأولية إلى أن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة لعبا دورًا رئيسيًا في تفاقم الأزمة. الطقس الحار والجاف يزيد من قابلية اشتعال النباتات الجافة.
ومنذ الخميس، شهدت عدة ولايات جزائرية حرائق غابات مفاجئة وواسعة النطاق، لا سيما في ولاية تيبازة، بالتزامن مع هبوب رياح جنوبية حارة وجافة غير معتادة في هذا الوقت من العام. وقد أجبرت هذه الحرائق السلطات المحلية على إطلاق عمليات إجلاء واسعة النطاق للسكان من المناطق الأكثر تضررًا لضمان سلامتهم.
لم تصدر السلطات الجزائرية بيانًا رسميًا يوضح سبب اندلاع هذه الحرائق حتى الآن. لكن معظم المناطق الشمالية، وخاصة الولايات الغربية والوسطى، تعاني من موجة حر غير مسبوقة منذ عدة أيام، ويرجع ذلك أساسًا إلى هبوب الرياح الجنوبية الحارة والجافة. فقد تجاوزت درجات الحرارة 31 درجة مئوية في العاصمة الجزائر المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وهو أمر غير معهود في شهر نوفمبر.
وتواجه الجزائر منذ أكثر من ست سنوات تحديًا كبيرًا يتمثل في موجة جفاف حادة، خاصة في المناطق الوسطى والغربية، مما أدى إلى انخفاض مستويات المياه في السدود والمياه الجوفية، وبالتالي زيادة خطر حرائق الغابات.
وقد تسببت موجات الجفاف المتكررة منذ عام 2022 في حرائق غير مسبوقة أودت بحياة عشرات الأشخاص وأصابت المئات، بالإضافة إلى تدمير عشرات الآلاف من الهكتارات من الغابات والمساحات الخضراء. ويُتوقع أن تستمر هذه التحديات في المستقبل القريب ما لم يتم اتخاذ تدابير فعالة للتخفيف من آثار الجفاف وإدارة الغابات بشكل مستدام.
في الوقت الحالي، تركز الجهود على تقييم حجم الأضرار التي خلفتها الحرائق وتحديد الاحتياجات العاجلة للمتضررين. من المتوقع أن يتم تقديم تقرير مفصل عن الأضرار والخسائر إلى الحكومة الجزائرية في غضون الأيام القليلة المقبلة، والذي سيشكل الأساس لوضع خطة شاملة لإعادة التأهيل والتعويضات.
يتوقع خبراء الأرصاد الجوية استمرار حالة عدم الاستقرار الجوي خلال نهاية الأسبوع، مع احتمالية هطول أمطار غزيرة وثلوج على المرتفعات. وسيتم مراقبة الوضع عن كثب لتقييم الأثر المتوقع على الغطاء النباتي وتقليل خطر حدوث حرائق جديدة.






