تستعد الجزائر لإصدار أولى السندات الإسلامية في بداية عام 2026، وذلك في خطوة تعد تحولاً كبيراً بالنسبة للدولة التي تعتمد تقليدياً على عائدات النفط والغاز في تمويل ميزانيتها. يأتي هذا القرار في ظل ضغوط مالية متزايدة وتراجع في الإيرادات المتوقعة، مما دفع الحكومة إلى البحث عن مصادر بديلة للتمويل. ووفقًا لوثيقة برلمانية، فإن هذه الخطوة تهدف إلى تنويع مصادر التمويل العام وتقليل الاعتماد على التقلبات في أسعار الطاقة.

أكدت لجنة المالية في الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري، بعد اجتماعها مع وزير المالية، أن عملية إصدار الصكوك ستبدأ مطلع العام المقبل. ولم يتم الكشف عن تفاصيل إضافية حول المبلغ الإجمالي المستهدف من هذا الإصدار، أو الآلية الدقيقة لعملية الاكتتاب، لكن يرى مراقبون أنها تشير إلى تحول في السياسة المالية للحكومة الجزائرية.

الجزائر تتجه نحو إصدار السندات الإسلامية لتنويع التمويل

يأتي اتجاه الجزائر نحو السندات الإسلامية، المعروفة أيضاً باسم الصكوك، كجزء من استراتيجية أوسع لتنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط والغاز. تعتبر هذه الخطوة مهمة بشكل خاص بالنظر إلى أن الجزائر تتمتع باحتياطيات كبيرة من النفط والغاز، وكانت تقليدياً تعتمد عليها بشكل كبير في تمويل الإنفاق العام.

في سبتمبر الماضي، أشارت تقارير إلى أن الجزائر كانت تخطط لجمع حوالي 297 مليار دينار (حوالي 2.3 مليار دولار أمريكي) من خلال بيع صكوك لأجل سبع سنوات للمستثمرين الجزائريين داخل وخارج البلاد. كان من المقرر أن تبدأ عملية الاكتتاب في نوفمبر، ولكن يبدو أن هذا الموعد قد تأجل إلى مطلع العام 2026.

الضغوط المالية وتأثيرها على الاقتصاد الجزائري

تواجه الجزائر حالياً ضغوطاً مالية متزايدة بسبب عدة عوامل، منها تراجع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومي. وفقاً للبنك المركزي الجزائري، فإن “الضغوط الهبوطية على أسعار الهيدروكربونات” تشكل خطراً على الاستقرار المالي العام، مما يزيد من الحاجة إلى إيجاد مصادر جديدة للإيرادات.

يجري البرلمان الجزائري حاليًا مراجعة ميزانية عام 2026، والتي تتضمن زيادة في الإنفاق بنسبة 5% سنويًا، ليصل إجمالي الإنفاق إلى 17.69 تريليون دينار. تحقيق هذا المستوى من الإنفاق يتطلب موارد مالية إضافية، وهو ما يفسر اللجوء إلى إصدار الصكوك كأداة لتمويل العجز المحتمل. علاوة على ذلك، تساهم هذه الخطوة في تطوير **التمويل الإسلامي** في الجزائر.

ما هي السندات الإسلامية (الصكوك)؟

السندات الإسلامية، أو الصكوك، هي أدوات مالية متوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، والتي تحظر الربا (الفائدة). بدلاً من دفع فائدة ثابتة، توفر الصكوك للمستثمرين حصة في الأصول الأساسية التي تمولها السندات، مثل المشاريع أو العقارات، وحصتهم في الأرباح الناتجة عن هذه الأصول. هذا يجعلها بديلاً جذابًا للمستثمرين الذين يفضلون الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

يعتبر إصدار الصكوك في الجزائر خطوة مهمة نحو تطوير سوق رأس المال الإسلامي في البلاد. وتشير التقديرات إلى أن حجم أصول التمويل الإسلامي العالمي يتجاوز عدة تريليونات من الدولارات، وهناك طلب متزايد على هذه الأدوات في العديد من الدول، بما في ذلك دول شمال أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الصكوك بديلاً للادخار يستهدف الجزائريين المقيمين وغير المقيمين.

في سياق متصل، يراقب خبراء الاقتصاد عن كثب تأثير هذه الخطوة على الميزانية العامة والاستقرار المالي للجزائر. وهم يشيرون إلى أن نجاح إصدار الصكوك يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك الثقة في الاقتصاد الجزائري، والطلب على هذه الأدوات من قبل المستثمرين، والقدرة على إدارة المخاطر المرتبطة بالصكوك.

في الوقت الحالي، لا تزال التفاصيل حول إصدار السندات الإسلامية قيد التطوير. من المتوقع أن يقوم وزير المالية بالكشف عن المزيد من التفاصيل في الأشهر المقبلة، بما في ذلك المبلغ المستهدف، وشروط الاكتتاب، والجهات التي ستشارك في العملية. يجب مراقبة تطورات هذه القضية عن كثب، حيث أنها قد يكون لها تأثير كبير على مستقبل التمويل العام والاقتصاد الجزائري.

شاركها.