|

بعد عام ونصف من الانتظار الثقيل والبحث المضني بين الأخبار والمستشفيات والمقابر والمؤسسات الحقوقية، كشف الستار عن قصة وجع جديدة تضاف إلى سجل المآسي في قطاع غزة.

ففي منطقة البيدر غرب وادي غزة، عثر على رفات الشاب حسام البردويل الذي اختفى في ظروف غامضة قبل أكثر من 18 شهرا، بعد أن تعرفت عليه والدته من قطعة قماش وبقايا الملابس التي بقيت شاهدة على رحلته الأخيرة خارج المنزل.

ولم يكن العثور على الرفات نهاية الحكاية، بل بداية فصل آخر من الألم الذي تعيشه آلاف العائلات الفلسطينية، إذ يتحوّل الغياب الطويل إلى يقين موجع يثقل القلوب ويبدد آخر خيوط الأمل.

ولاقت قصة حسام البردويل انتشارا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا بعدما تداول نشطاء ووسائل إعلام محلية صورا ومعلومات عن وجود جثمان مجهول الهوية ملقى تحت شجرة تين في منطقة البيدر بحي الشيخ عجلين جنوب مدينة غزة، قبل أن تصل العائلة وتتمكن والدته من التعرف عليه.

وأوضح مغردون أن والدته تمكنت من التعرف على رفات جثة متحللة تعود للشاب حسام البردويل من ملابسه التي كان يرتديها في آخر مرة خرج فيها من منزله، بعد أن فقدت آثاره منذ عام ونصف، قبل أن يعثر عليه أحد المواطنين داخل أرضه في منطقة البيدر غرب نتساريم وسط قطاع غزة.

وأشار بعض المغردين إلى أن صور الرفات أظهرت بوضوح أنه كان يحاول إنقاذ نفسه عبر ربط جرح في قدمه اليسرى، على أمل إيقاف النزيف، لكنه ظل ينتظر طويلا دون أن يتمكن أحد من الوصول إليه.

ولفت آخرون إلى أن ما تبقى من ملابسه، خصوصا “التيشيرت”، كانت العلامة الوحيدة التي ساعدت والدته بعد عذاب طويل من البحث والسؤال، حتى تمكنت أخيرا من العثور على رفاته.

وكتب أحدهم قائلا: “ربنا جبر خاطر الأم بأنها عثرت عليه. قلت لها: مبروك، نعم مبروك. لأنني مجرّب هذه الفرحة الممزوجة بالحزن، تلك اللحظة التي تشعر فيها أنك تريد من الناس أن يهنئوك لا أن يعزّوك، لأنك أخيرا وجدت فقيدك بعد طول انتظار”.

وأضاف آخر: “قصص لا تُصدّق لكنها تحدث، تفاصيلها في غزة.. كل يوم قصة مأساوية”.

وتساءل بعضهم: “هل تخيلتم ساعاته الأخيرة؟ كيف كان ينتظر من ينقذه دون جدوى؟”.

وكتب آخرون أن هذه الصورة ليست مجرد بقايا جسد، بل وثيقة دامغة على وحشية المحتل وأدوات الحصار والقصف التي يمارسها ضد المدنيين العزّل، وعلى قسوة العالم الذي يرى ولا ينطق، يسمع ولا يتحرك.

وأوضح مدونون أن الجثة المتحللة بملابسها الممزقة كشفت ما لم تُظهره الكاميرات ولا نشرات الأخبار: شاب ربما حاول إسعاف نفسه، الرباط الذي شدّ به جرحه في فخذه اليسرى يشهد أنه لم يستسلم بسهولة، وأنه قاوم حتى آخر قطرة حياة.

وأشاروا في تعليقاتهم إلى أن هناك قصصا كثيرة مشابهة لقصة حسام، حيث تنتظر عائلات كثيرة أبناءها يوما بعد يوم على أمل عودتهم، لكن ينتهي الأمر في كثير من الحالات بأن يكونوا قد استشهدوا في قصف دون التمكن من التعرف على جثامينهم.

شاركها.