أجلت شركتا “ميتا” و”غوغل” عمليات إنزال كابلات الإنترنت البحرية في البحر الأحمر، وذلك بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية والمخاوف الأمنية المتزايدة على البنية التحتية الحيوية. هذا التأجيل يهدد بتأخير توصيل الإنترنت عالي السرعة إلى مناطق واسعة، وربما يؤدي إلى رفع سعر الإنترنت في بعض الدول.

القرار جاء بعد تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” سلط الضوء على المخاطر التي تواجهها هذه المشاريع الضخمة في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة. وتأثرت مشاريع مثل “2Africa” التابع لـ “ميتا” وكابل “بلو رامان” الخاص بـ “غوغل” بشكل مباشر.

أزمات تسبب رفع سعر الإنترنت

يعد البحر الأحمر ممرًا استراتيجيًا حيويًا لشبكة الكابلات البحرية العالمية، حيث يربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما يجعله طريقًا مختصرًا وفعالًا من حيث التكلفة لنقل البيانات. ولكن، الهجمات الأخيرة على السفن التجارية في المنطقة، والتي تنفذها جماعة الحوثي، أدت إلى تعطيل حركة الملاحة وتهديد سلامة الكابلات البحرية.

أوضحت “ميتا” أن التأخير يعود إلى “مجموعة من العوامل التشغيلية والمخاوف التنظيمية والمخاطر الجيوسياسية”، دون تقديم تفاصيل إضافية. وبالمثل، أكدت “ألفابيت”، الشركة الأم لـ “غوغل”، أن التقلبات السياسية في المنطقة أثرت سلبًا على تقدم المشروع.

لا يقتصر التأثير على مشاريع “ميتا” و”غوغل” فحسب، بل يشمل أيضًا كابلات أخرى مخطط لها، مثل “India-Euro-Express” و”Sea-Me-We 6″ و”Africa 1″. هذه التأخيرات المتراكمة تزيد من الضغط على شبكات الاتصالات الحالية وتهدد بتدهور جودة الخدمة.

تأثير التوترات الجيوسياسية على البنية التحتية

تعتمد العديد من الدول النامية على الكابلات البحرية لتوفير الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة. وتأخير هذه المشاريع يعني تأخيرًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أن الإنترنت أصبح ضرورة أساسية في العصر الحديث.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تأخير إنزال الكابلات البحرية يزيد من تكاليف التشغيل والصيانة، مما قد يؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار الإنترنت للمستهلكين. كما أن المخاطر الأمنية المتزايدة تزيد من تكلفة التأمين على هذه الكابلات، مما يضيف عبئًا ماليًا إضافيًا على الشركات المطورة.

البحث عن حلول بديلة

في ظل هذه الظروف، تبحث الشركات المتخصصة في مجال الاتصالات عن حلول بديلة لتجاوز الأزمة. أحد الخيارات المطروحة هو تحويل مسار الكابلات لتمر عبر الأراضي بدلاً من البحر الأحمر، على الرغم من أن هذا الحل قد يكون أكثر تكلفة ويتطلب الحصول على الموافقات اللازمة من الحكومات المعنية.

وتدرس بعض الشركات إمكانية استخدام الأراضي السعودية والبحرينية كمسار بديل للكابلات، بينما تفكر شركات أخرى في استخدام الأراضي العراقية، التي شهدت تحسنًا في الأوضاع الأمنية في الآونة الأخيرة. كما أن هناك نقاشات جارية حول إمكانية التفاوض مع الحكومة الحوثية في صنعاء، ولكن هذا الخيار يواجه تحديات قانونية وسياسية كبيرة.

شبكات الكابلات البحرية هي شريان الحياة للإنترنت العالمي، وأي تعطيل لها يمكن أن يكون له تداعيات واسعة النطاق. لذلك، من الضروري إيجاد حلول سريعة وفعالة لضمان استمرار تدفق البيانات وحماية البنية التحتية الحيوية.

مستقبل توصيل الإنترنت في المنطقة

يقول خبراء في مجال الاتصالات أن الوضع الحالي يتطلب تعاونًا دوليًا وتنسيقًا بين الشركات والحكومات لإيجاد حلول مستدامة. كما أن هناك حاجة إلى الاستثمار في تقنيات جديدة لحماية الكابلات البحرية من التهديدات الأمنية، مثل استخدام الطائرات بدون طيار والروبوتات البحرية للمراقبة والصيانة.

من المتوقع أن تستمر هذه الأزمة لعدة أشهر قادمة، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة في البحر الأحمر. وفي الوقت الحالي، يجب على المستهلكين والشركات الاستعداد لاحتمال ارتفاع أسعار الإنترنت وتدهور جودة الخدمة. وستراقب الشركات عن كثب التطورات السياسية والأمنية في المنطقة لتقييم المخاطر واتخاذ القرارات المناسبة.

شاركها.