عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعًا مطولًا استمر خمس ساعات مع المبعوث الخاص الأمريكي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب، في موسكو. لم يسفر الاجتماع عن أي اختراقات كبيرة في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، على الرغم من الأمل المعلق على مساعي السلام. يأتي هذا اللقاء في ظل تزايد الضغوط الدولية للتوصل إلى حل سياسي للصراع.
مفاوضات السلام في أوكرانيا: اجتماع موسكو يضع “مقترحات أمريكية” موضع الدراسة
وصل ويتكوف وكوشنر إلى موسكو يوم الثلاثاء لإجراء محادثات مع القيادة الروسية، بعد اجتماع يوم الأحد مع أعضاء رئيسيين في الوفد الأوكراني لمناقشة خطة سلام مُعدَّلة. وقد أشار مسؤولون أوكرانيون إلى أنهم يعيدون النظر في بعض مواقفهم “غير القابلة للتسوية” في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة.
وصف يوري أوشاكوف، مستشار السياسة الخارجية للرئيس بوتين، المحادثات بأنها “مفيدة للغاية وبناءة وموضوعية”، وفقًا لبيان صادر عن الكرملين. وأضاف أن النقاشات تركزت بشكل خاص على القضايا الإقليمية، التي يعتبرها الجانب الروسي حجر الزاوية في أي تسوية لأزمة أوكرانيا.
كما أوضح أوشاكوف أن الجانب الروسي تلقى أربعة مستندات من ويتكوف وكوشنر، بما في ذلك وثيقة تتضمن 27 نقطة، لكنه امتنعه عن الخوض في تفاصيل محتواها. وتذكر التقارير أن خطة السلام الأصلية، التي تم تسريبها سابقًا، تعرضت لانتقادات من قادة أوروبيين بسبب اعتبارها منحازة للغاية لروسيا، وتم تقليصها لاحقًا.
الخلافات حول الأراضي هي العقبة الرئيسية
تُعد مسألة الأراضي نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات، حيث تصر روسيا على أن تتخلى أوكرانيا عن كامل منطقة دونباس، بما في ذلك الأجزاء التي لا تسيطر عليها القوات الأوكرانية حاليًا. ومع ذلك، أشار أوشاكوف إلى أن بعض المقترحات الأمريكية تبدو “أكثر أو أقل قبولًا”، لكنها لا تزال تتطلب المزيد من المناقشة والتحسين من حيث الصياغة.
في المقابل، تشير تقارير من معهد دراسات الحرب، وهو منظمة بحثية مستقلة، إلى أن القوات الروسية حققت تقدمًا في مناطق مختلفة في أوكرانيا، من بينها مقاطعة سومي، وبالقرب من كوستيانتينيفكا وبوكروفسك وخوليايبولي. وتؤكد هذه التقارير على استمرار القتال وتغير الوضع على الأرض، مما يزيد من تعقيد جهود السلام.
ذكرت القوات المشتركة الأوكرانية في بيان عبر تطبيق تليغرام أنها لا تزال تسيطر على معظم مدينة كوبيانسك، بالرغم من وجود مجموعات معزولة من القوات الروسية في الأجزاء الشمالية منها. هذا يؤكد على التحديات المستمرة التي تواجهها القوات الأوكرانية في الحفاظ على سيطرتها على المناطق المتنازع عليها.
وفي هذا السياق، صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأربعاء أن روستيم أوميروف، سكرتير مجلس الأمن والدفاع القومي، يستعد لعقد اجتماع في بروكسل مع مستشاري الأمن القومي للقادة الأوروبيين لإطلاعهم على نتائج اجتماع ويتكوف وكوشنر مع بوتين. “بعد بروكسل، سيبدأ روستيم أوميروف وأندري هناتوف الاستعداد لاجتماع مع مبعوثي الرئيس ترامب في الولايات المتحدة”، قال زيلينسكي.
يأتي هذا التحرك الأمريكي في وقت تشهد فيه أوكرانيا قتالًا شرسًا، وحيث تتزايد الدعوات الدولية لإيجاد حل دبلوماسي. وتعتبر الحرب في أوكرانيا أحد أبرز بؤر التوتر في العلاقات الدولية، إذ تنطوي على تداعيات جيوسياسية وأمنية واقتصادية واسعة النطاق.
من الجدير بالذكر أن هذه المفاوضات تأتي بعد تحذيرات من الرئيس بوتين بأن روسيا “مستعدة” في حال “رغبة أوروبا المفاجئة في شن حرب ضدنا”. هذا التصريح يعكس حالة التأهب العالية في روسيا، ويشير إلى أن أي تصعيد في الصراع قد يكون له عواقب وخيمة.
الخطوة التالية المتوقعة هي استمرار المشاورات بين الأطراف المعنية، مع التركيز على إيجاد حلول قابلة للتطبيق بشأن القضايا الإقليمية. من المهم أيضًا مراقبة التطورات على الأرض، حيث أن أي تغيير كبير في الوضع العسكري قد يؤثر على مسار المفاوضات. يبقى مستقبل مفاوضات السلام في أوكرانيا غير مؤكد، ويتوقف على مدى استعداد الأطراف المعنية لتقديم تنازلات متبادلة.
الكلمات المفتاحية: الحرب في أوكرانيا، مفاوضات السلام، فلاديمير بوتين، جاريد كوشنر، ستيف ويتكوف، Donbas (دونباس)، الأزمة الأوكرانية، العلاقات الروسية الأمريكية.






