مع حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يواجه الطلاب في العديد من المدارس السورية تحديات كبيرة، أبرزها نقص التدفئة. هذا النقص يؤثر بشكل مباشر على قدرتهم على التركيز والاستفادة من العملية التعليمية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. تقرير حديث يسلط الضوء على هذا الواقع المرير، مع التركيز على معاناة الطلاب في العاصمة دمشق والمناطق الأخرى.
تظهر المشكلة بشكل واضح في المدارس التي تعاني من نقص في الوقود أو من انقطاع متكرر للكهرباء، مما يعيق تشغيل وسائل التدفئة المتاحة. هذا الوضع يدفع العديد من الأهالي إلى التردد في إرسال أبنائهم إلى المدارس خوفاً عليهم من الأمراض التي قد تنتج عن البرد الشديد.
واقع التدفئة في المدارس السورية
أكدت إدارات مدرسية متعددة أن الكميات المخصصة من الوقود لا تتناسب مع الحاجة الفعلية، خاصة مع ارتفاع عدد الطلاب في الفصول الدراسية. وقد تغيرت آلية توزيع الوقود مؤخراً لتشمل حساب عدد الغرف الإدارية بالإضافة إلى الشعب الصفية، في محاولة لتلبية الاحتياجات بشكل أفضل، ولكن يبدو أن هذا الإجراء لم يحل المشكلة بشكل جذري.
تأثير نقص التدفئة على الطلاب
يعيش الأهالي حالة من القلق المستمر بشأن صحة أبنائهم، حيث يضطر البعض إلى إبقائهم في المنزل لتجنب تعرضهم للبرد. وتشير التقارير إلى أن الطلاب الذين يذهبون إلى المدارس يقضون فترات طويلة في الباحة أو في فصول غير مدفأة، مما يزيد من خطر إصابتهم بالأمراض.
وتشير مصادر إلى أن نقص التدفئة يؤثر سلباً على التحصيل الدراسي للطلاب، حيث يجدون صعوبة في التركيز والانتباه في الفصول الباردة. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا النقص يخلق بيئة تعليمية غير مريحة وغير مشجعة على التعلم.
من جهتها، أكدت وزارة التربية أنها تعمل جاهدة لتأمين مخصصات التدفئة للمدارس، مع إعطاء الأولوية للمناطق الأكثر برودة في البلاد. ومع ذلك، فإن الإمكانيات المتاحة محدودة، مما يجعل من الصعب تلبية جميع الاحتياجات بشكل كامل.
صرح يوسف عنان، معاون وزير التربية والتعليم، بأن نسبة معينة من الوقود قد تم توزيعها لتغطية جزء من الفترة المتبقية من عام 2025، وسيتم تخصيص ميزانية جديدة مع بداية عام 2026 لتأمين احتياجات الفصل الدراسي الثاني. وأضاف أن الوزارة تخطط، بالتعاون مع مديريات التربية والمنظمات المعنية، لوضع خطة جديدة لتحديد كمية الوقود اللازمة لكل فصل دراسي، مع مراعاة الاختلافات المناخية بين المناطق المختلفة.
وتشمل المناطق التي تحتاج إلى كميات أكبر من الوقود المناطق الساحلية، والشمالية، والجنوبية، بالإضافة إلى المناطق الجبلية التي تشهد درجات حرارة منخفضة جداً.
التعليم عن بعد كحل بديل، قد يكون خياراً مطروحاً في الحالات التي لا يمكن فيها توفير التدفئة المناسبة، ولكن هذا الحل يواجه تحديات خاصة به، مثل عدم توفر الإنترنت أو الأجهزة اللازمة لجميع الطلاب. المنظمات الإنسانية تلعب دوراً مهماً في تقديم المساعدة للمدارس، ولكن هذه المساعدة غالباً ما تكون غير كافية لتغطية جميع الاحتياجات.
وتشير التوقعات إلى أن الوضع قد يستمر على هذا المنوال خلال الفترة القادمة، ما لم يتم إيجاد حلول جذرية لمشكلة نقص الوقود والكهرباء. من المتوقع أن تشهد البلاد موجات برد قوية خلال الأسابيع القادمة، مما يزيد من معاناة الطلاب والمعلمين.
يبقى مستقبل التدفئة في المدارس السورية رهنًا بالظروف الاقتصادية والأمنية، وبالقدرة على تأمين الموارد اللازمة. يجب على الجهات المعنية العمل بشكل متضافر لإيجاد حلول مستدامة تضمن حق الطلاب في التعليم الآمن والمريح، بغض النظر عن الظروف الجوية.






