شهدت سوق الأسهم السعودية بدايةً متقلبة في تعاملات اليوم الخميس، حيث تمكنت من تحقيق بعض الاستقرار بعد سلسلة من الانخفاضات، إلا أنها تتجه نحو تسجيل خسارة أسبوعية تتجاوز 2.5%. ويعكس هذا الأداء حالة من التردد والحذر لدى المستثمرين، مع ميلهم إلى تجنب المخاطرة قرب نهاية العام، وذلك ترقبًا للمحفزات الاقتصادية المتوقعة في عام 2026، وعلى رأسها نتائج أعمال الشركات والتعديلات التشريعية المحتملة.

ويرى المحلل المالي عاصم منصور أن السوق قد تجد نقطة دعم قوية حول المستويات الحالية، والتي تقترب من القاع الذي تشكل في شهر سبتمبر الماضي عند مستوى 10376 نقطة. ويتوقع أن يسعى المستثمرون إلى الحفاظ على جزء من المكاسب التي حققتها السوق في شهر أكتوبر، مع الأخذ في الاعتبار أنها استعادت غالبية تلك المكاسب لاحقًا.

تحليل أداء السوق السعودية وتوقعات العام القادم

وأشار منصور إلى أن الارتفاع الذي شهدته السوق خلال الفترة الماضية، والذي بدأ مع الحديث عن زيادة سقف ملكية الأجانب في الشركات المدرجة، قد يتكرر، لكن ذلك يعتمد بشكل كبير على تحسن السيولة في السوق. فالسيولة الجيدة تعتبر ضرورية لاستيعاب أي زيادة في الطلب على الأسهم.

ارتفع المؤشر العام “تاسي” بشكل طفيف في بداية التداولات اليومية، مسجلاً 10419 نقطة، بعد أن اختتم الجلسة السابقة عند أدنى مستويات الإغلاق له في أكثر من عامين. وشهدت بعض الأسهم القيادية، مثل أسهم “مصرف الراجحي” و”البنك الأهلي” و”أكوا باور”، ارتفاعًا ملحوظًا، بينما تراجع سهم “سابك”، ولم يشهد سهم “أرامكو”، أكبر شركة مدرجة من حيث القيمة السوقية، أي تغيير كبير.

يؤكد محمد زيدان، المحلل المالي الأول في “الشرق”، أن استمرار تداول المؤشر “تاسي” دون مستوى 10500 نقطة يشير إلى استمرار النظرة السلبية على الأقل في المدى القريب. ويعكس ذلك حالة عدم اليقين السائدة في السوق، وتخوف المستثمرين من المزيد من الانخفاضات.

وأضاف زيدان أن هذا التراجع يأتي نتيجة لانخفاض الرغبة في المخاطرة، مع اقتراب نهاية العام وإغلاق المستثمرين لمراكزهم الاستراتيجية. ويرى أن السوق تنتظر الوصول إلى مستويات 10 آلاف إلى 10250 نقطة لتكوين مراكز شرائية جديدة، مما قد يؤدي إلى انتعاش محدود في التداولات.

تأخر المحفزات الإيجابية

من جهتها، ترى ماري سالم، المحللة المالية لدى “الشرق”، أن القطاعات القيادية هي الأكثر تأثرًا بالضغط الحالي، حيث لم يبدأ المستثمرون بعد في التركيز على هذه القطاعات بانتظار ظهور محفزات إيجابية واضحة. وهذا يعكس حالة من التحفظ والترقب في السوق.

وأوضحت سالم أن جميع المحفزات الإيجابية المتوقعة أصبحت مؤجلة إلى العام المقبل، سواء كانت نتائج مالية للشركات أو تعديلات في نسب ملكية الأجانب في الشركات المدرجة. ومع ذلك، فإن هذه العوامل من المتوقع أن تكون مشجعة للمستثمرين في المستقبل، وتحفزهم على زيادة استثماراتهم في السوق.

أداء الأسهم الجديدة والتحديات التي تواجهها

شهد سهم “الرمز للعقارات” تراجعًا حادًا في أولى جلسات تداوله، حيث انخفض بأكثر من 10% مسجلاً 62.95 ريال. ويعتبر هذا السيناريو من السيناريوهات المتكررة للأسهم حديثة الإدراج في السوق السعودية، حيث غالبًا ما تشهد تراجعًا في البداية بسبب تقلبات السوق وتخوف المستثمرين.

يعتقد سعد آل ثقفان، عضو مجلس إدارة “جمعية الاقتصاد السعودية”، أن توقيت طرح سهم “الرمز” لم يكن موفقًا، نظرًا للانخفاضات المستمرة في السوق خلال الأسابيع الماضية وتراجع شهية المستثمرين للاكتتابات الجديدة. هذا يؤكد على أهمية اختيار التوقيت المناسب لطرح الأسهم في السوق.

ومع ذلك، أضاف آل ثقفان أن أداء الشركة يظهر زيادة كبيرة في الإيرادات والأرباح، مما يقلل من نسبة السعر إلى الربح مقارنة بالقطاع. وعليه، فإنه في حال استمرار الشركة في تحقيق الأرباح والنمو عند الإعلان عن نتائج الربع الرابع، فمن المتوقع أن يتعافى السهم ويتجاوز سعر الطرح.

وأشار منصور إلى أن حوالي ثلثي الأسهم المطروحة هذا العام يتم تداولها حاليًا دون سعر الطرح. كما أنه لوحظ تراجع في نسب التغطية من قبل المؤسسات والأفراد مقارنة بالعام الماضي. ولهذا، يجب على المستثمرين أن يروا في الطروحات الجديدة فرصة للنمو، مع الأخذ في الاعتبار الأرباح المستقبلية المحتملة، حتى يعود الإقبال عليها مرة أخرى.

وفي سياق أخبار السوق، أعلنت شركة “الاتصالات السعودية” (stc) عن توقيع مذكرة تفاهم مع “هيوماين”، وهي شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، بهدف تطوير وتشغيل مراكز بيانات بسعة تصل إلى 1 غيغاواط. وقد ارتفع سهم أكبر شركة للاتصالات في المملكة، من حيث القيمة السوقية، بشكل طفيف في التداولات المبكرة.

بشكل عام، لا تزال سوق الأسهم السعودية تواجه تحديات في الوقت الحالي، ولكن من المتوقع أن تشهد تحسنًا في الأداء في العام المقبل مع ظهور المحفزات الاقتصادية المتوقعة. وينبغي على المستثمرين مراقبة تطورات نتائج أعمال الشركات والتعديلات التشريعية المقترحة، بالإضافة إلى مستويات السيولة في السوق، لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.

شاركها.