قد تظهر لدى البعض بقع صفراء اللون حول العين، وهي حالة تُعرف باسم الزانثلازما (Xanthelasma). هذه البقع ليست مجرد مسألة تجميلية، بل قد تكون مؤشرًا على وجود مشكلات صحية كامنة، وعلى رأسها ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. فهم طبيعة هذه البقع وأسباب ظهورها أمر بالغ الأهمية للكشف المبكر عن المخاطر الصحية المحتملة.

تتكون الزانثلازما نتيجة لتراكم رواسب الكوليسترول تحت الجلد في الجفون، وتحديدًا في منطقة الزوايا الداخلية والخارجية للعين. لا تعتبر الزانثلازما مرضًا بحد ذاتها، بل هي علامة أو عرض ثانوي لحالة صحية أخرى. تختلف أسباب ظهورها من شخص لآخر، ولكنها غالبًا ما ترتبط بخلل في استقلاب الدهون.

الزانثلازما وأمراض القلب: دراسة تكشف الارتباط

أظهرت دراسة دنماركية واسعة النطاق أجريت عام 2011 وجود علاقة قوية بين الإصابة بالزانثلازما وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. ووفقًا للدراسة، فإن الأشخاص الذين يعانون من هذه البقع الصفراء حول العين كانوا أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، حتى في حالة عدم وجود عوامل خطر تقليدية أخرى مثل التدخين أو السمنة أو ارتفاع ضغط الدم.

تشير النتائج إلى أن الزانثلازما قد تكون علامة مبكرة على تصلب الشرايين، وهي عملية تتسبب في تراكم اللويحات الدهنية داخل الشرايين، مما يعيق تدفق الدم ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن وجود الزانثلازما لا يعني بالضرورة الإصابة الفورية بأمراض القلب، ولكنه يستدعي إجراء فحوصات طبية شاملة لتقييم المخاطر واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.

أسباب ظهور الزانثلازما وعوامل الخطر

بالإضافة إلى ارتفاع الكوليسترول، هناك عوامل أخرى قد تساهم في ظهور الزانثلازما، بما في ذلك الوراثة، وبعض الحالات الطبية مثل فرط بيتا ليبوبروتين الدم (Hyperbetalipoproteinemia)، وبعض الأدوية. قد يكون الأشخاص الذين يعانون من تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب أو ارتفاع الكوليسترول أكثر عرضة لتطوير هذه البقع.

من المهم ملاحظة أن الزانثلازما لا تظهر دائمًا بشكل فوري بعد ارتفاع مستويات الكوليسترول. قد يستغرق الأمر سنوات أو حتى عقودًا حتى تتراكم الرواسب الدهنية تحت الجلد وتصبح مرئية. لذلك، يُنصح بإجراء فحوصات دورية للكوليسترول، خاصةً للأشخاص الذين لديهم عوامل خطر أخرى.

تشخيص الزانثلازما يتم عادةً من خلال الفحص البدني. قد يطلب الطبيب أيضًا إجراء فحوصات دم لتقييم مستويات الكوليسترول والدهون الأخرى في الدم. لا يوجد علاج مباشر لإزالة الزانثلازما، ولكن يمكن التحكم في عوامل الخطر المرتبطة بها من خلال تغيير نمط الحياة والعلاج الدوائي.

تتضمن التغييرات في نمط الحياة اتباع نظام غذائي صحي قليل الدهون المشبعة والكوليسترول، وممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن صحي، والإقلاع عن التدخين. في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بتناول أدوية لخفض الكوليسترول، مثل الستاتينات (Statins). هناك أيضًا خيارات تجميلية لإزالة الزانثلازما، مثل العلاج بالليزر أو الجراحة، ولكن هذه الإجراءات لا تعالج السبب الجذري للمشكلة.

تعتبر الوقاية من ارتفاع الكوليسترول هي أفضل طريقة لتجنب ظهور الزانثلازما وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. ينبغي على الجميع اتباع نمط حياة صحي وإجراء فحوصات دورية للكوليسترول، خاصةً إذا كانوا يعانون من عوامل خطر أخرى. الوعي بأهمية صحة القلب والأوعية الدموية واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ عليها أمر ضروري للعيش حياة طويلة وصحية.

في المستقبل القريب، من المتوقع أن تظهر المزيد من الدراسات التي تبحث في العلاقة بين الزانثلازما وأمراض القلب، وأن يتم تطوير طرق أكثر فعالية للكشف المبكر عن المخاطر الصحية المرتبطة بها. كما يُتوقع أن تزداد أهمية الفحوصات الوقائية والتوعية الصحية في الحد من انتشار هذه المشكلات الصحية.

شاركها.