يتعارض البرلمان الأوروبي مع مقترحات من المفوضية الأوروبية بشأن حظر استيراد الغاز الروسي، وتحديداً فيما يتعلق بالإعفاءات المحتملة للدول غير الساحلية. وتأتي هذه الخلافات في سياق الجهود المستمرة للاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على الطاقة الروسية بحلول عام 2027، وسط نقاشات حادة حول كيفية تحقيق هذا الهدف مع ضمان أمن الطاقة لكل الدول الأعضاء.
تجري حالياً محادثات مكثفة بين حكومات الاتحاد الأوروبي والبرلمان والمفوضية الأوروبية. وقد تم التوصل إلى توافق غير رسمي يقترح منح بعض الدول الأكثر اعتماداً على واردات الطاقة، مثل المجر وسلوفاكيا، استثناءً يسمح لهما بمواصلة استيراد الطاقة الروسية في حالة حدوث أزمة في إمدادات الطاقة. لكن البرلمان يصر على عدم وجود أي ثغرات أو استثناءات لضمان خروج صادرات الوقود الأحفوري الروسي تماماً من مزيج الطاقة الأوروبي.
الخلافات حول حظر الغاز الروسي والإعفاءات المقترحة
تشير البيانات الصادرة عن المفوضية الأوروبية إلى أن واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الروسي – سواء عبر خطوط الأنابيب أو الغاز الطبيعي المسال – تمثل حالياً 12٪ من إجمالي واردات الغاز، اعتباراً من أغسطس 2025. على الرغم من الانخفاض الكبير مقارنة بنسبة 45٪ في عام 2021، إلا أن هذه الكمية لا تزال تعادل 210 مليار يورو تدفعه الكتلة إلى خزائن موسكو، وفقاً لتقرير “حالة اتحاد الطاقة” الصادر في 6 نوفمبر.
أعربت نواب في البرلمان الأوروبي عن استيائهم من استمرار شراء الطاقة الروسية، حتى بعد مرور ثلاث سنوات على الحرب في أوكرانيا. وقالت إينيس فايدري، النائبة عن الحزب الشعبي الأوروبي من لاتفيا، إن موقف البرلمان أكثر صرامة من مقترح المفوضية، مؤكدة على ضرورة حظر واردات الغاز والنفط الروسية، بما في ذلك عبر الدول الوسيطة، اعتباراً من الأول من يناير 2027، وأنه لا يجوز تعليق هذا الحظر تحت أي ظرف من الظروف.
ومع ذلك، يبدو أن موقف الدول الأعضاء أضعف، حيث يقترحون حظر الغاز فقط اعتباراً من عام 2028، مع منح استثناءات غير مبررة للمجر وسلوفاكيا، على الرغم من وجود خيارات إمداد بديلة متاحة لهما. يشير بعض المشرعين إلى أن مشاريع البنية التحتية لخطوط الأنابيب قيد الإنشاء في بلغاريا ورومانيا يمكن أن توفر بديلاً موثوقاً وتنويعاً لسوق الطاقة في المنطقة.
مشاريع بديلة وتحديات فنية
من المتوقع أن تصبح بعض هذه المشاريع، مثل مشروع نيبتون ديب الروماني، جاهزة للعمل بحلول عامي 2026 و2027، مما يمنح مشغلي الطاقة وقتاً كافياً للتكيف مع موردين جدد. أعلن وزير الطاقة الروماني، بوغدان إيفان، في يوليو أن خط أنابيب توزلا-بوديسيور يمثل علامة فارقة للبلاد، وأنه يضعها في مرحلة جديدة من استغلال موارد البحر الأسود.
لكن الحكومة المجرية تعتبر التشريعات قيد المناقشة مسألة تتعلق بالسيادة الطاقوية، حيث يرى وزير الخارجية والتجارة الهنغاري، بيتر سيجارتو، أن هذا الحظر يقطع أحد شرايين النفط الحيوية للبلاد. ويؤكد أن المفوضية الأوروبية تتجاهل أن هذا التنظيم يدمر الأمن الطاقي لدول أعضاء الاتحاد الأوروبي، وأن الطاقة يجب ألا تكون موضوعاً سياسياً.
في المقابل، تشير وثائق المفوضية إلى أن مفوض الطاقة دان يورغنسن قد عقد اجتماعات مع ممثلين عن شركة MOL متعددة الجنسيات الهنغارية للنفط والغاز لتقييم جدوى التخلص التدريجي من الطاقة الروسية. ناقش المفوض خيارات التنويع، بما في ذلك استخدام خط أنابيب ياناف الكرواتي كبديل لخط أنابيب دروجبا الروسي الذي يخدم دول المنطقة لأوقات طويلة.
لكن ممثلي شركة MOL أبدوا تحفظاتهم على قدرة خط أنابيب ياناف على تلبية الطلب، وأعربوا عن أسفهم لعدم وجود استثمارات كافية من جانب كرواتيا. وذكر المتحدث باسم MOL، أمبروس هالا، أن تطوير القسم الهنغاري وحده غير كاف، وأنهم لا يملكون معلومات موثوقة عن حالة وقدرة القسم الكرواتي، مشيراً إلى أن ياناف لم يتمكن من تسليم الكميات المطلوبة في الوقت المحدد، وهو ما يمثل خرقاً للعقد.
التوقعات المستقبلية
يرى المحلل الطاقي المخضرم هوميون فالاكشاهي أن الحظر الكامل للوقود الأحفوري الروسي سيؤثر بشكل غير متناسب على الدول الأعضاء غير الساحلية التي لا تزال تعتمد على خط أنابيب دروجبا لتوريد النفط الخام. ومع ذلك، يؤكد أن خط أنابيب ياناف يمكن أن يساعد المجر وسلوفاكيا في إنهاء اعتمادهما على دروجبا، على غرار ما فعلته جمهورية التشيك بالتحول إلى خط أنابيب ترانسألباين، لكن ذلك سيتطلب تكاليف إضافية وتعديلات فنية في المصافي.
من المتوقع أن يعقد المفاوضون الأوروبيون جولة أخرى من المحادثات يوم الخميس في محاولة للتوصل إلى اتفاق سياسي قبل نهاية العام. تبقى الخلافات قائمة حول الإعفاءات المقترحة للدول غير الساحلية، وحول الجدول الزمني لتنفيذ الحظر. يجب متابعة تطورات هذه المفاوضات لمعرفة ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتمكن من التغلب على هذه التحديات وتحقيق هدفه المتمثل في الاستقلال عن الطاقة الروسية.






