أقرّ البرلمان الأوروبي قرارًا يدعو إلى إنهاء الحرب الأهلية في السودان، لكنه أثار جدلاً واسعًا باستبعاد أي إشارة إلى الدور المزعوم للإمارات العربية المتحدة في الصراع. هذا القرار المتعلق بـالحرب في السودان، والذي حظي بأغلبية كبيرة عبر الأحزاب السياسية، يركز على إدانة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بينما يثير تساؤلات حول الضغوط الدبلوماسية التي أدت إلى حذف اتهامات موجهة للإمارات.

وفقًا لمصادر برلمانية، ضغط الحزب الشعبي الأوروبي لإزالة أي ذكر للإمارات العربية المتحدة بعد جهود مكثفة بذلتها وزيرة الدولة الإماراتية، لانا نسيبة، التي تواجدت في ستراسبورغ خلال الجلسة العامة للبرلمان هذا الأسبوع. يأتي هذا في ظل تقارير تتهم الإمارات بدعم أحد أطراف النزاع.

القرار المثير للجدل حول الحرب في السودان

يدين القرار بشدة استمرار الصراع في السودان، بما في ذلك “الانتهاكات الجسيمة والمنهجية للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان التي ارتكبها كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني”. كما يعرب عن أسفه العميق إزاء الفظائع مثل الاستخدام المنهجي للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاستعباد الجنسي والزواج القسري.

ويحث القرار “جميع الجهات الخارجية على إنهاء بيع أو توريد الأسلحة والمعدات العسكرية لجميع الأطراف”، ويدين “جميع أشكال التدخل الخارجي الذي يغذي الحرب” – لكنه لا يحدد الدول الأجنبية المتورطة في الصراع.

اتهامات بتورط إماراتي

تشير تقارير إلى أن الحزب الشعبي الأوروبي قرر حذف أي إشارة إلى الإمارات، بدعم من المحافظين والجماعات اليمينية المتطرفة. وقد ورد في تقرير سرب مؤخرًا للأمم المتحدة في أبريل 2025 أن أسلحة متطورة تم تهريبها عبر الإمارات وتشاد إلى دارفور، في انتهاك للحظر المفروض على الأسلحة.

بالإضافة إلى ذلك، زعمت منظمة العفو الدولية في تقرير منفصل نُشر في مايو 2025 أن “أسلحة صينية، أعادت الإمارات تصديرها وتم ضبطها في الخرطوم، استخدمت في دارفور”، مما يشكل انتهاكًا للحظر المفروض على الأسلحة من قبل الأمم المتحدة. وتنفي الإمارات هذه الاتهامات بشدة.

جهود دبلوماسية مكثفة

أفادت مصادر برلمانية متعددة أن الوزيرة الإماراتية لانا نسيبة قد قامت شخصيًا بزيارة نواب البرلمان في ستراسبورغ للتأثير على محتوى القرار، برفقة فريق من الدبلوماسيين. وذكرت التقارير أنها التقت برئيسة البرلمان، روبرتا ميتسولا، في 24 نوفمبر، وظلت في ستراسبورغ حتى 27 نوفمبر، وهو يوم التصويت على القرار.

كما التقت نسيبة بنواب آخرين، بمن فيهم لوكاس ماندل من النمسا، وماريت مايج من هولندا، وهما المفاوضان الرئيسيان عن مجموعتي الحزب الشعبي الأوروبي والديمقراطيين الاشتراكيين على التوالي. وأعربت الحكومة الإماراتية عن رضاها عن نتيجة التصويت، مشيرة إلى أن القرار يؤيد عمل مجموعة الرباعي كوسيط في هذا الصراع.

أزمة إنسانية كارثية

اندلعت الحرب الأهلية في السودان في 15 أبريل 2023 بين فصيلين متنافسين من الحكومة العسكرية في البلاد، وهما القوات المسلحة السودانية بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو (هميدتي). ويعتبر هذا الصراع أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، حيث قُتل أكثر من 150 ألف شخص حتى الآن، وتأثر ما يقرب من 25 مليون شخص بالجوع نتيجة للحرب.

وفي بيان رسمي، قال مسؤول إماراتي لـ Euronews: “تُدين دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل قاطع أي ادعاءات بتقديم أي شكل من أشكال الدعم لأي من الطرفين المتحاربين منذ بداية الحرب الأهلية، وتدين الفظائع التي ارتكبها كل من سلطة ميناء بورت سودان [الجيش السوداني] وقوات الدعم السريع”.

يدعو القرار أيضًا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل إجراءات التقييم لإدراج قوات الدعم السريع على قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب. يُعد هذا التعديل من بين القلائل التي تمت الموافقة عليها على الرغم من معارضة الحزب الشعبي الأوروبي.

من المتوقع أن يواصل الاتحاد الأوروبي مراقبة الوضع في السودان عن كثب، مع التركيز على الجهود الدبلوماسية التي تبذلها مجموعة الرباعي. وستكون الخطوة التالية هي تقييم تأثير القرار على الأطراف المتنازعة، ومتابعة أي تطورات جديدة في التحقيقات المتعلقة بالاتهامات الموجهة للإمارات. يبقى الوضع في السودان غير مستقر، ويتطلب جهودًا دولية متواصلة لتحقيق السلام والاستقرار.

شاركها.