مع اشتداد التقلبات الجوية ووصول موجة برد غير مسبوقة، يواجه آلاف النازحين في قطاع غزة ظروفًا معيشية كارثية، حيث تحولت خيام النزوح إلى مصدر خطر يهدد حياة الأطفال بسبب نقص المساعدات الإنسانية وغياب مقومات التدفئة والحماية من الأمطار. وقد أدت هذه الظروف القاسية إلى وفاة عدد من الأطفال النازحين خلال الأسابيع الأخيرة، مما يثير قلقًا بالغًا بشأن الوضع الإنساني المتدهور.

وأفادت مصادر طبية في غزة بأن 13 طفلاً نازحاً قد فقدوا حياتهم نتيجة العواصف والبرد الشديد، معظمهم بسبب انخفاض حاد في حرارة الجسم داخل المخيمات المؤقتة. وتأتي هذه الحالات في ظل أزمة إنسانية شاملة يعاني منها القطاع، تفاقمت بسبب الحرب المستمرة والصعوبات في إدخال المساعدات.

أزمة خيام النزوح في قطاع غزة تتفاقم مع البرد

تفتقر خيام النزوح في غزة إلى أبسط مقومات الحماية من الطقس القاسي، حيث أنها غير معزولة ولا توفر حماية كافية من الأمطار والرياح. هذا النقص يجعل النازحين، وخاصة الأطفال وكبار السن، عرضة للإصابة بأمراض الشتاء مثل الالتهاب الرئوي والإنفلونزا.

وأكد الدكتور محمد جربوع، من مستشفى الرنتيسي للأطفال، أن المستشفى يستقبل أعدادًا متزايدة من الأطفال الذين يعانون من انخفاض حاد في حرارة الجسم. وأضاف أن بعض الحالات تصل إلى المستشفى وهي في وضع حرج للغاية، وأن هناك حالات وفاة تُسجل قبل أن يتمكن الأطباء من تقديم المساعدة اللازمة.

الظروف المعيشية الصعبة في المخيمات

تعاني مخيمات النزوح من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك المياه النظيفة والغذاء والدواء. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاكتظاظ السكاني في المخيمات يزيد من خطر انتشار الأمراض. وقد أدت الأمطار الغزيرة إلى غرق العديد من الخيام، مما زاد من معاناة النازحين.

وتصف أم فادي الغول، وهي نازحة تعيش في أحد المخيمات، كيف غمرت مياه الأمطار خيمتهم، مما أجبرهم على النوم في العراء. وأشارت إلى أن عائلتها المكونة من خمسة أفراد لم تتلق سوى بطانية واحدة، وأن طفلها من ذوي الاحتياجات الخاصة يعاني من مشاكل صحية مزمنة.

في خان يونس، توفي رضيع يبلغ من العمر شهرًا واحدًا بسبب انخفاض حاد في درجة الحرارة، مما يمثل مأساة إضافية في سلسلة المآسي التي يعيشها القطاع. هذا الحادث يسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى توفير مأوى آمن ودافئ للأطفال النازحين.

مطالبات دولية بتقديم المساعدة الإنسانية

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى السماح بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما في ذلك الخيام الشتوية ومواد الإيواء والتدفئة. وأكدت اللجنة على أن الوضع الإنساني في القطاع يتدهور بسرعة، وأن هناك حاجة عاجلة إلى تقديم المساعدة للنازحين.

من جانبها، طالبت حركة حماس الولايات المتحدة بالتدخل الفوري والضغط على إسرائيل لضمان إدخال المساعدات الإنسانية والالتزام بتعهدات وقف إطلاق النار. وأشارت الحركة إلى أن استمرار الحصار الإسرائيلي يعيق جهود الإغاثة ويساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية.

وتشير التقارير إلى أن هناك حاجة ماسة إلى توفير مأوى دائم للنازحين في قطاع غزة، حيث أن الخيام المؤقتة لا توفر حماية كافية من الطقس القاسي. ومع ذلك، فإن إعادة الإعمار في القطاع تواجه تحديات كبيرة بسبب القيود الإسرائيلية ونقص التمويل.

مع استمرار اتفاق التهدئة، يبقى الوضع الإنساني في قطاع غزة هشًا للغاية. من المتوقع أن تستمر الأمطار والبرد في التأثير على النازحين خلال الأسابيع القادمة، مما يزيد من خطر تفاقم الأزمة. يجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لتقديم المساعدة الإنسانية وضمان حماية المدنيين، مع التركيز بشكل خاص على توفير مأوى آمن ودافئ للأطفال النازحين. يجب مراقبة تطورات إدخال المساعدات والتزام الأطراف بوقف إطلاق النار لتقييم مدى تحسن الوضع على الأرض.

شاركها.