استقبل لبنان البابا ليو الرابع بحفاوة بالغة، حيث أكد على تقليد التعايش بين الأديان كمنارة أمل في منطقة مضطربة. جاءت زيارة البابا ليو الرابع إلى لبنان في وقت بالغ الأهمية، حيث دعا إلى “الهبة الإلهية للسلام” بالتزامن مع القادة الدينيين المسيحيين والمسلمين في البلاد. وتستهدف زيارته دعم المجتمع المسيحي العريق في لبنان، الذي يتميز بتقليد التسامح الديني الفريد في العالم العربي.

أهمية زيارة البابا ليو الرابع إلى لبنان

بدأت زيارة البابا ليو الرابع إلى لبنان باستقبال حافل من قبل الجماهير، حيث اصطفت آلاف اللبنانيين على طول طريق موكبه تحت الأمطار. تزينت الطرق المؤدية إلى العاصمة بيروت بلافتات تحمل صور البابا، تعبر عن مدى ترحيب الشعب بزيارته التاريخية. هذه الزيارة، التي تأتي بعد زيارة مماثلة لتركيا، تحمل رسالة دعم قوية للمنطقة.

يُعد البابا ليو الرابع أول بابا أمريكي في التاريخ، وتمثل رحلته الأولى إلى العالم قلب المسيحية. أولاً إلى تركيا لإحياء ذكرى تأسيس الإيمان المسيحي، ثم إلى لبنان لتشجيع مجتمع مسيحي قديم في بلد يتميز بتسامحه الديني. هذه الزيارة تؤكد على أهمية لبنان بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية، والذي وصفه البابا يوحنا بولس الثاني بأنه ليس مجرد بلد بل رسالة حرية للعالم.

لقاء البابا ليو الرابع مع القادة الدينيين

شهدت ساحة الشهداء في بيروت لقاءً هامًا بين البابا ليو الرابع وبين البطريرك المسيحيين والقادة الروحيين السنة والشيعة والدروز. أشاد البابا بتقاليد لبنان في التسامح الديني، واصفًا إياها بأنها مثال يُحتذى به في المنطقة، خاصة في ظل الصراعات والتوترات الحالية. وأكد أن التعايش ممكن في لبنان على الرغم من التحديات.

رحب المفتي العام للسنة في لبنان، الشيخ عبد اللطيف دريان، بالبابا ليو الرابع، مستذكرًا العلاقات الجيدة التي كانت تربط سلفه، البابا فرنسيس، باللبنانيين. وأشار إلى البيان المشترك حول الأخوة الإنسانية الذي وقعه البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر، مؤكدًا أن لبنان هي أرض هذا الرسالة.

من جانبه، دعا الشيخ علي الختيب، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، البابا ليو الرابع إلى المساعدة في إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة، في ظل المخاوف من اتساع نطاق المواجهات. وأعرب عن ثقته في أن البابا سيسعى إلى تحقيق السلام في المنطقة.

التوقيت الحرج للزيارة وأهمية دعم المسيحيين

تأتي زيارة البابا ليو الرابع في لحظة حرجة يمر بها لبنان، حيث تشهد البلاد صراعات مستمرة وأزمات اقتصادية وشلل سياسي، بالإضافة إلى كارثة انفجار مرفأ بيروت في عام 2020. وفي ظل التوترات المتصاعدة في غزة، تكتسب زيارة البابا أهمية خاصة، حيث يراها اللبنانيون علامة أمل.

تتزايد الدعوات في لبنان لعمل جماعة حزب الله على تسليم أسلحتها، بعد المعارك التي خاضتها مع إسرائيل والتي ألحقت أضرارًا جسيمة بالبلاد. على الرغم من وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل تواصل شن غارات جوية تستهدف عناصر حزب الله. هذا الوضع يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في لبنان.

يشكل المسيحيون حوالي ثلث سكان لبنان البالغ عددهم 5 ملايين نسمة، مما يجعل لبنان البلد الوحيد في العالم العربي الذي يشكل المسيحيون فيه نسبة كبيرة من السكان. ويضمن اتفاق تقاسم السلطة القائم منذ الاستقلال من فرنسا أن يكون منصب الرئيس للمارونية المسيحية، مما يعزز مكانة المسيحيين في الهيكل السياسي اللبناني.

تواجه الجالية المسيحية في لبنان تحديات كبيرة، بما في ذلك الهجرة بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية. وتسعى الفاتيكان جاهدة للحفاظ على وجود المسيحيين في المنطقة، وتعتبره ركيزة أساسية للكنيسة الكاثوليكية. ويؤكد الزوار من الشتات اللبناني على أهمية دعم الشباب والعائلات المسيحية للبقاء في لبنان.

في نهاية الزيارة، أشعل البابا ليو الرابع حماس الشباب اللبناني في تجمع حاشد في بكركي، مقر الكنيسة المارونية، داعيًا إياهم إلى المثابرة وعدم مغادرة البلاد.

من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية للبابا ليو الرابع لدعم الاستقرار في لبنان، مع التركيز على تعزيز الحوار بين الأديان ودعم التنمية الاقتصادية. وسيبقى الوضع الأمني والسياسي في لبنان محل مراقبة دقيقة، مع الأخذ في الاعتبار التوترات الإقليمية المستمرة والتحديات التي تواجهها الجالية المسيحية. سيراقب المراقبون أيضًا ردود الفعل على زيارة البابا، وكيف يمكن أن تؤثر على عملية صنع السلام في المنطقة.

شاركها.