دعا البابا ليو الرابع، في رسالته التقليدية بمناسبة عيد الميلاد، إلى تحقيق السلام في مناطق النزاع حول العالم، مع التركيز بشكل خاص على إنهاء العنف في الشرق الأوسط وأوكرانيا. جاءت هذه المناشدة خلال كلمته التي ألقاها أمام عشرات الآلاف من الحجاج في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، وهي أول رسالة “Urbi et Orbi” له، والتي تعني “للمدينة وللعالم”. وتعد هذه الرسالة جزءًا أساسيًا من تقاليد عيد الميلاد لدى الكنيسة الكاثوليكية، حيث يدعو فيها البابا إلى السلام والوحدة بين الشعوب. السلام في الشرق الأوسط كان محورًا رئيسيًا في رسالة البابا.
مناشدات البابا ليو الرابع من أجل السلام العالمي
ركز البابا ليو الرابع في رسالته على الوضع الإنساني المأساوي في العديد من المناطق المتضررة من الحروب والصراعات. وقد خصّ بالذكر كلًا من لبنان وفلسطين وإسرائيل وسوريا، داعيًا إلى تحقيق “العدالة والسلام والاستقرار” في هذه الدول. وتأتي هذه المناشدة في ظل استمرار التوترات الإقليمية وتصاعد العنف في بعض المناطق.
كما خصّص البابا جزءًا كبيرًا من خطابه للحرب في أوكرانيا، داعيًا إلى الصلاة من أجل “الشعب المعذّب” في أوكرانيا. وطالب بوقف “صخب الأسلحة” وأن تجد الأطراف المتنازعة “الشجاعة للانخراط في حوار صادق ومباشر ومحترم” بدعم من المجتمع الدولي. هذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها البابا إلى حل سلمي للأزمة الأوكرانية، حيث يعتبر الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع.
التركيز على الفئات الأكثر ضعفًا
لم يقتصر اهتمام البابا على الصراعات الكبرى، بل تطرق أيضًا إلى معاناة المدنيين في مناطق أخرى من العالم، مثل بعض دول أفريقيا وآسيا. وأعرب عن قلقه بشأن الأوضاع السياسية غير المستقرة والاضطهاد الديني والإرهاب الذي يعاني منه الكثيرون. وشدد على أهمية التضامن مع الفئات الأكثر ضعفًا وتقديم المساعدة لهم.
وأضاف البابا أن عيد الميلاد هو فرصة لفتح قلوبنا لإخواننا وأخواتنا المحتاجين والمتألمين. وفي هذا السياق، ذكر بشكل خاص سكان غزة الذين فقدوا كل شيء، والشعب اليمني الذي يعاني من الجوع والفقر، واللاجئين والمهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط أو القارة الأمريكية بحثًا عن مستقبل أفضل. هذه الإشارات تعكس التزام البابا بالقضايا الإنسانية والاجتماعية.
الجدير بالذكر أن البابا ليو الرابع، وهو أول بابا أمريكي المولد، تولى منصبه في مايو الماضي بعد وفاة البابا فرنسيس. ومنذ ذلك الحين، جعل الدعوة إلى السلام محورًا رئيسيًا في رسالته البابوية. وقد عقد بالفعل اجتماعات مع عدد من القادة العالميين، بما في ذلك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في إطار جهوده الدبلوماسية. الوضع في أوكرانيا لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا.
وفي يوليو الماضي، أعرب الفاتيكان عن استعداد البابا ليو الرابع لاستضافة ممثلين عن كل من روسيا وأوكرانيا لإجراء محادثات سلام، وهي المبادرة التي لا يزال البابا يدعمها. وتأتي هذه الجهود في ظل تزايد المخاوف بشأن التصعيد المحتمل للصراع وتداعياته الإنسانية والاقتصادية. الجهود الدبلوماسية مستمرة.
في سياق متصل، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن روسيا “تستعد لجعل العام المقبل عامًا للحرب”، داعيًا الولايات المتحدة إلى الاستجابة “للإشارات” التي تدل على ذلك. هذا التصريح يعكس حالة القلق التي يعيشها الأوكرانيون بشأن مستقبل بلادهم. التصعيد المحتمل يثير المخاوف.
من المتوقع أن يستمر البابا ليو الرابع في جهوده الدبلوماسية لتعزيز السلام في مناطق النزاع حول العالم. وستظل القضية الأوكرانية على رأس أولوياته، بالإضافة إلى قضايا أخرى مثل الوضع في الشرق الأوسط ومعاناة اللاجئين والمهاجرين. ومن المرجح أن يشهد الأشهر القادمة مزيدًا من التحركات البابوية في هذا الاتجاه، مع التركيز على الحوار والتفاوض كسبيل وحيد لإنهاء الصراعات. يبقى التحدي الأكبر هو إقناع الأطراف المتنازعة بالالتزام بمسار السلام والتخلي عن العنف.






