أظهرت دراستان حديثتان وجود علاقة قوية بين الاكتئاب ومرض الصرع، حيث تشير النتائج إلى أن الاكتئاب قد يعيق علاج الصرع وربما يزيد من خطر الإصابة به. هذه النتائج، التي نشرت في الآونة الأخيرة، تسلط الضوء على أهمية الصحة النفسية للمرضى الذين يعانون أو قد يكونون عرضة للإصابة بهذا الاضطراب العصبي.

تأثير الاكتئاب على علاج الصرع

أجرى الباحثون تحليلاً لبيانات أكثر من 90 ألف مطالبة تأمين صحي في الولايات المتحدة. ووجدت الدراسة أن المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالصرع حديثًا والذين يعانون أيضًا من الاكتئاب كانوا أكثر عرضة بنسبة 40% للتوقف عن تناول الأدوية المضادة للصرع خلال الأشهر القليلة الأولى بعد التشخيص. يشمل هذا التوقف عن تناول الأدوية، أو استبدالها بأدوية أخرى، أو إضافتها إلى علاجات تكميلية.

مضاعفات صحية إضافية

بالإضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة عن أن هذه الفئة من المرضى كانت أكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية أخرى. وتضمنت هذه المشاكل حالات نفسية مثل القلق واضطرابات النوم، بالإضافة إلى أمراض جسدية مثل السكري وأمراض الرئة وأمراض الكلى وحتى النوبات القلبية.

زيادة خطر الإصابة بالصرع لدى المصابين بالاكتئاب

وجدت دراسة أخرى أن الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب هم أكثر عرضة للإصابة بالصرع في مرحلة لاحقة من حياتهم بمعدل يزيد عن ضعف ونصف. ويوضح الباحثون أن هذا الارتباط قد يرجع إلى وجود مسارات عصبية مشتركة بين الاكتئاب والصرع، أو العوامل المرتبطة بالتوتر، أو صعوبات النوم التي غالبًا ما تصاحب الاكتئاب.

أكد الدكتور هوارد جودكين، رئيس جمعية الصرع الأمريكية، على أهمية العناية بالمرضى الذين يعانون من الاكتئاب، مشيرًا إلى أن هذه العناية قد تساهم في الحفاظ على صحة الدماغ. وتدعم تصريحاته الحاجة إلى نهج شامل في علاج هؤلاء المرضى، يعالج كل من الجوانب النفسية والجسدية لحالتهم الصحية.

تتزايد الأدلة التي تربط الصحة النفسية بالصحة الجسدية، ومرض الصرع ليس استثناءً. فهم هذه العلاقة أمر بالغ الأهمية لتحسين رعاية المرضى وتقليل العبء العام لهذا المرض.

الجدير بالذكر أن الباحثين يخططون لإجراء المزيد من الدراسات لتحديد الآليات البيولوجية الدقيقة التي تربط الاكتئاب بالصرع. من المتوقع أن تقدم هذه الدراسات رؤى أعمق حول كيفية منع وتخفيف أعراض كلا الحالتين. ويعتبر التشخيص المبكر للاكتئاب وعلاجه من العوامل الرئيسية التي يجب مراقبتها في الأشخاص المعرضين للخطر.

وتبقى الحاجة إلى زيادة الوعي العام بأهمية الصحة النفسية وتوفير الدعم اللازم للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب أو الصرع، أو كليهما، أمرًا ضروريًا لتحسين جودة حياتهم. تشير التقديرات إلى أن حوالي 65 مليون شخص حول العالم يعانون من الصرع، وأن معدلات انتشار الاكتئاب تتزايد باستمرار، لذا فإن معالجة هذه المشكلات بشكل فعال تمثل أولوية صحية عالمية.

شاركها.