شهد الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية ارتفاعاً ملحوظاً خلال الربع الثالث من عام 2024، حيث سجل 27.7 مليار ريال، بزيادة قدرها 4% على أساس سنوي. يعكس هذا النمو جهود السعودية المتواصلة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، وذلك في إطار رؤية 2030 الطموحة. البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تشير إلى أن هذه الزيادة تمثل أعلى مستوى فصلي للاستثمار منذ بداية العام.
يأتي هذا التطور في وقت تسعى فيه المملكة إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. وقد أعلنت الحكومة عن سلسلة من الإجراءات لتسهيل الاستثمار وتعزيز جاذبية السوق السعودي، بما في ذلك تعديل قيود الملكية الأجنبية في الأسواق المالية وإقرار قوانين جديدة لتملك العقارات من قبل غير السعوديين. من المتوقع أن يدخل قانون تملك العقارات حيز التنفيذ في بداية عام 2026.
جاذبية المناطق الاقتصادية الخاصة وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر
أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء أيضاً انخفاضاً في التدفقات الخارجة من الاستثمارات بنسبة 66% لتصل إلى 2.7 مليار ريال في الربع الثالث، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. يشير هذا التراجع إلى زيادة الثقة في الاقتصاد السعودي واستقراره.
وسيكون للموافقة الأخيرة على اللوائح التنظيمية للمناطق الاقتصادية الخاصة تأثير كبير على جذب الاستثمارات. وقد وافق مجلس الوزراء السعودي مؤخراً على هذه اللوائح التي تشمل جازان، ومدينة الحوسبة السحابية والمعلوماتية، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ورأس الخير. من المتوقع أن تبدأ هذه اللوائح في العمل اعتباراً من أبريل 2026.
تحسين البيئة الاستثمارية
أكد وزير الاستثمار، خالد الفالح، أن هذه اللوائح تمثل خطوة استراتيجية نحو تحسين البيئة الاستثمارية في هذه المناطق، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية إقليمياً ودولياً. تهدف هذه المناطق إلى تقديم حوافز خاصة وتسهيلات للمستثمرين، مما يساهم في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي.
أرقام الاستثمار الإجمالي
بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار إلى المملكة العربية السعودية خلال عام 2024 حتى الآن 80.5 مليار ريال. وقد قامت الهيئة العامة للإحصاء بتعديل بيانات الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024 في 5 سبتمبر، مما أظهر تدفقات بقيمة 119 مليار ريال. يمثل هذا تعديلًا إيجابيًا بزيادة تقارب 37% عن التقديرات الأولية، ويضع السعودية في مسار وثيق من تحقيق مستويات الاستثمار القياسية التي سجلتها في عام 2021، والتي بلغت حوالي 122 مليار ريال.
يعتبر قطاع الخدمات، بما في ذلك السياحة والترفيه، من بين القطاعات الرئيسية التي جذبت الاستثمار الأجنبي، وذلك بفضل المشاريع الضخمة التي يتم تطويرها في إطار رؤية 2030. بالإضافة إلى ذلك، يشهد قطاع الصناعة، وخاصة الصناعات التحويلية، اهتماماً متزايداً من المستثمرين الأجانب.
تعتبر الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها المملكة، بما في ذلك قوانين الاستثمار الجديدة وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات، من العوامل الرئيسية التي ساهمت في زيادة تدفقات الاستثمار المباشر. تأتي هذه الإصلاحات في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تقلبات، مما يجعل السعودية وجهة استثمارية أكثر جاذبية بفضل استقرارها السياسي والاقتصادي.
وتشير تقارير حديثة إلى أن هناك اهتماماً متزايداً بالاستثمار في الطاقة المتجددة في السعودية، وذلك في إطار جهود المملكة للتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة. يمثل هذا القطاع فرصة كبيرة للمستثمرين الأجانب للمشاركة في مشاريع طموحة ومربحة.
في الختام، تشير البيانات الحالية إلى أن المملكة العربية السعودية تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الإيجابي في المستقبل، خاصة مع بدء تطبيق اللوائح التنظيمية الجديدة للمناطق الاقتصادية الخاصة في أبريل 2026. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها، مثل استمرار التقلبات في الاقتصاد العالمي وتطورات الأوضاع الجيوسياسية، والتي قد تؤثر على تدفقات الاستثمار. من المهم مراقبة التطورات في هذه المجالات لتقييم الأثر المحتمل على الاستثمار في المملكة.




