تواجه الاتحاد الأوروبي ضغوطاً متزايدة لاتخاذ قرار حاسم بشأن استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا. حيث دعت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى أوكرانيا، كاتارينا ماثيرنوفا، إلى المضي قدمًا في خطة لتقديم قرض تعويضي لأوكرانيا باستخدام هذه الأصول على الفور. تأتي هذه الدعوة في ظل سعي الاتحاد الأوروبي لتوفير دعم مالي مستمر لكييف لتغطية احتياجاتها العسكرية والميزانية للعامين الحالي والقادم.

تعتبر هذه القضية محور نقاش مكثف بين الدول الأعضاء، خاصةً مع تردد الحكومة البلجيكية في الموافقة على الخطة، حيث تحتضن بلجيكا شركة يوروكلير، وهي الجهة التي تحتفظ بهذه الأصول المجمدة. وتأتي هذه التطورات في وقت حرج، حيث تعرب أوكرانيا عن حاجتها الماسة إلى تمويل طارئ في الربع الأول من العام المقبل.

الأصول الروسية المجمدة وأوكرانيا: تفاصيل الخلاف والضغط الأوروبي

تقترح المفوضية الأوروبية خطة غير مسبوقة لتحويل الأصول الروسية المجمدة إلى قرض تعويضي لأوكرانيا. ويهدف هذا الإجراء إلى مساعدة أوكرانيا في التعافي من الأضرار الناجمة عن الحرب، بالإضافة إلى إرسال رسالة قوية إلى روسيا والمجتمع الدولي حول التزام الاتحاد الأوروبي بدعم أوكرانيا. تعتبر الأصول المجمدة، والتي تقدر بملايين اليوروهات، نتيجة للعقوبات المفروضة على روسيا إثر غزو أوكرانيا.

موقف بلجيكا المعارض

ومع ذلك، واجهت هذه الخطة مقاومة قوية من الحكومة البلجيكية، التي أعربت عن قلقها العميق بشأن العواقب القانونية والمالية المحتملة. وقد أرسل رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي فيفر، رسالة قوية إلى المفوضية الأوروبية، وصف فيها خطة القرض التعويضي بأنها “خاطئة تمامًا” وأكد على “الخطر الواضح” الذي تمثله. واعتبر دي فيفر أن هذا الإجراء قد ينتهك مبادئ أساسية للقانون الدولي ويثير حالة من عدم اليقين والخوف في الأسواق المالية.

وترى بلجيكا أن استخدام الأصول المجمدة كتعويضات قد يخلق سابقة خطيرة، مما قد يؤدي إلى تجميد أصول دول أخرى في المستقبل بناءً على مطالبات مماثلة. بالإضافة إلى ذلك، تخشى بلجيكا من أن يتم الطعن في قانونية هذا الإجراء أمام المحاكم الدولية.

في المقابل، تؤكد كاتارينا ماثيرنوفا على أهمية هذا الإجراء ليس فقط لأوكرانيا، بل لجميع أنحاء أوروبا. وأشارت إلى أن توفير الدعم المالي لأوكرانيا أمر ضروري للحفاظ على العقوبات المفروضة على روسيا وتوفير المزيد من المعدات العسكرية لكييف. كما لفتت إلى أن الاقتصاد الأوكراني قد تأثر بشدة بسبب الهجمات الروسية على البنية التحتية للطاقة، مما أدى إلى انقطاعات واسعة النطاق للكهرباء قد تستمر لساعات طويلة.

وتشير التقارير إلى أن استمرار هذه الانقطاعات يؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين الأوكرانيين، الذين يعانون من الإرهاق ويرغبون في السلام. ومع ذلك، تشدد ماثيرنوفا على أن هذا السلام يجب أن يكون عادلاً، وهذا يتطلب محاسبة روسيا على أفعالها.

الدعم المالي لأوكرانيا هو القضية الرئيسية المطروحة، لكنها تتشابك مع قضايا قانونية وسياسية معقدة تتعلق بالعقوبات الدولية وحقوق الملكية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقات الأوروبية الروسية تأثرت بشكل كبير بالصراع في أوكرانيا، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى حلول وسط ترضي جميع الأطراف.

ويجري حاليًا بذل جهود دبلوماسية مكثفة على أعلى المستويات في الحكومة البلجيكية والسلطات الأوروبية بهدف التوصل إلى حل. ويواجه الاتحاد الأوروبي ضغطًا متزايدًا من أوكرانيا وحلفائها لاتخاذ قرار سريع بشأن هذه القضية.

التحديات الاقتصادية في أوكرانيا كبيرة للغاية، وقيام الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم المالي المطلوب يعتبر أمرًا بالغ الأهمية لضمان استقرار البلاد وقدرتها على مواصلة المقاومة. وترتبط هذه القضية بشكل مباشر بمفاوضات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أن القدرة على الصمود الاقتصادي ستكون عاملًا رئيسيًا في تقييم ملف انضمامها.

ومن المتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه القضية خلال قمة مقررة في ديسمبر القادم. لكن مع استمرار الخلافات، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانوا سيتمكنون من التوصل إلى اتفاق. ويجب على أوكرانيا الحصول على تمويل طارئ في الربع الأول من العام المقبل، مما يعني أن الوقت ينفد. وستكون تطورات هذا الملف حاسمة في تحديد مستقبل الدعم الأوروبي لأوكرانيا ومسار الصراع في المنطقة.

ساهم في هذا التقرير خورخي ليبوريرو وماريا تاديو.

شاركها.