يتطلع الاتحاد الأوروبي لإبرام شراكة استراتيجية مع السعودية تشمل مجالات التجارة والاستثمار وتحول الطاقة في إطار مساع أوسع لتعزيز التعاون مع منطقة الخليج، بحسب لويجي دي مايو، الممثل الخاص للاتحاد لمنطقة الخليج.
“اهتمامنا عالٍ جداً بالتفاوض مع السعودية، وفي الوقت نفسه، العلاقات تتطور أيضاً على المستوى المتعدد الأطراف، ونحن نقدر جهود السعودية ليس فقط إقليمياً بل أيضا على الصعيد الدولي” على حد قول دي مايو خلال مقابلة مع “الشرق” بمدينة الكويت التي استضافت أمس اجتماعاً للمجلس الوزاري الأوروبي الخليجي.
نوه دي مايو بوجود مذكرة تفاهم بالفعل بين الجانبين بشأن التعاون في مجال الطاقة بالإضافة إلى عدد من المشاريع والعمليات القائمة.
تقاطع بين برنامج التحول بالمملكة وأوروبا
وأضاف أن الجانبين يعملان على تطوير الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة والاستثمارات الجديدة وبرامج التحول، مشيراً إلى أن “برنامج التحول الذي أطلقته المملكة طموح للغاية، ويناسب الأوضاع الراهنة مما يسترعي اهتماماً كبيراً من شركاتنا، لأنه يتماشى كثيرا مع برامج التحول الرقمي والبيئي التي ننفذها في أوروبا”.
جدير بالذكر أن المملكة تضخ استثمارات ضخمة في مشاريع تحول الطاقة، سعياً لتحقيق مستهدفها بتوليد نصف احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030.
تتطلع السعودية إلى أن تصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، في وقتٍ تستعد فيه لإطلاق صندوق استثماري بقيمة 100 مليار دولار مختص بالذكاء الاصطناعي تحت اسم “بروجكت ترانساندنس”، في إطار سعيها لتطوير مركز تكنولوجي يعزز المنافسة إقليمياً وعالمياً.
مساع لاتفاق خليجي شامل
وعلى صعيد التعاون مع منطقة الخليج بشكل عام، أوضح دي مايو أن فرق التفاوض من الجانبين تجتمع بشكل دوري لإحياء مشروع اتفاق تجارة حرة بين الكتلتين، مشيراً إلى إحراز تقدم كبير منذ انعقاد القمة الأوروبية الخليجية في بروكسل قبل عام.
كان البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الوزاري الخليجي الأوروبي أكد التزام الاتحاد ومجلس التعاون “الراسخ بتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين المنطقتين في ظلّ بيئة التجارة العالمية المتغيرة، وفي الوقت الذي يستكشف فيه الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون إمكانية استئناف مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الإقليمية، اتفق المجلس المشترك على المضي قدماً بوتيرة أسرع في القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك”، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
من جانبه، أشار دي مايو أيضاً إلى إمكانية التعاون بشكل وثيق في إنتاج الهيدروجين في المنطقة ونقله إلى السوق الأوروبية، مضيفاً أن استثمار المنطقة في قواعد بيانات وخوادم الذكاء الاصطناعي سيكون شديد الإفادة للمصالح المشتركة في ذلك المجال.
وتنفذ السعودية مشاريع كبيرة في قطاع الهيدروجين، من أبرزها مشروع “نيوم للهيدروجين الأخضر”، المنتظر أن يكون الأكبر في العالم، والذي يُتوقع أن يبدأ الإنتاج في 2026 بطاقة يومية تصل إلى 600 طن من الهيدروجين، مدعوماً بـ4 غيغاواط من الطاقة المتجددة.
محادثات ثنائية مع الإمارات
لفت المبعوث الأوروبي إلى أن الاتحاد يجري في الوقت ذاته محادثات ثنائية مع بعض الدول الخليجية مثل الإمارات بهدف التوصل لاتفاق تجارة حرة، يكون مكملاً للجهود المبذولة للتوصل للاتفاق الإقليمي.
وأضاف أن الاتفاق مع الإمارات “يهدف إلى تسهيل شروط التجارة والاستثمار بين الجانبين”، لكنه أحجم عن الخوض في تفاصيل نظراً لحساسية الأمر. ولم يذكر دي مايو موعداً متوقعاً لإعلان الاتفاق.
الدفاع والأمن وجهود السلام
لا تقتصر المحادثات الأوروبية الخليجية على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضاً تعزيز التعاون في مجالات الدفاع والأمن، لاسيما الأمن السيبراني، ومكافحة الإرهاب، والاستعداد للكوارث، بحسب المبعوث الأوروبي.
وأضاف أن “النقطة الأهم هي التعاون بشكل أكبر لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بدءاً من غزة ولكن بما يشمل أيضاً سوريا واليمن وإيران وملفات أخرى”.
“الاتحاد الأوروبي فخور جداً بالشراكة مع السعودية في إطلاق التحالف العالمي من أجل حل الدولتين وهي مبادرة مهمة جداً لايجاد أفق طويل الأمد لهذا الحل” على حد قوله.