تشهد الأيام القادمة سلسلة من الأحداث الهامة على الساحة الأوروبية والدولية، مع التركيز على قضاياالأمن الاقتصادي، والعلاقات التجارية، والأزمات الجيوسياسية. ستناقش هذه التطورات في اجتماعات لمجلسي الاتحاد الأوروبي، وقمة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الصيني شي جين بينغ، بالإضافة إلى لقاءات رفيعة المستوى في حلف الناتو. تهدف هذه الاجتماعات إلى تعزيز مكانة الاتحاد الأوروبي في عالم يشهد تحولات متسارعة.

من المقرر أن يعقد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روت، اجتماعاً مع دينيس شميهال، وزير الدفاع الأوكراني، في مقر حلف الناتو في بروكسل يوم الاثنين الموافق الأول من ديسمبر. يأتي هذا الاجتماع في ظل استمرار التوترات في أوكرانيا، وتزايد المخاوف بشأن الأمن الإقليمي والعالمي. وفي سياق منفصل، سيجتمع وزراء الصحة في الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء لمناقشة قانون الأدوية الحيوية، في حين ستعرض المفوضية الأوروبية مقترحها بشأن الحزمة البيئية ودكتين لالأمن الاقتصادي.

الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي: استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات العالمية

أعلنت المفوضية الأوروبية عن استعدادها للكشف عن استراتيجيتها الطموحة للأمن الاقتصادي يوم الأربعاء. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على مواجهة المخاطر المتزايدة في عالم يزداد فيه التنافس القومي وتستخدم فيه الأدوات الاقتصادية كسلاح.

في العام الماضي، شهد التجارة العالمية انقسامات بسبب الضغوط القومية. فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفات جمركية كبيرة على واردات الاتحاد الأوروبي، بينما عززت الصين سيطرتها على الصادرات الاستراتيجية، بما في ذلك المواد النادرة والرقائق. وقد أدى ذلك إلى زيادة المخاوف بشأن سلاسل التوريد الهشة واستخدام التبعيات الاقتصادية كأداة للضغط السياسي.

تعتمد استراتيجية الاتحاد الأوروبي على ثلاثة محاور أساسية: تعزيز القدرة التنافسية للاتحاد، وتنويع سلاسل التوريد للحد من استخدام المواد الحيوية كسلاح، وإقامة شراكات مع مجموعة واسعة من الدول لتحقيق مصالح أمنية مشتركة. يعتبر “الأداة المضادة للإكراه” إحدى الأدوات الرئيسية في هذه الاستراتيجية.

الأداة المضادة للإكراه: “خيار نووي” للتجارة

تم اعتماد الأداة المضادة للإكراه (ACI) في عام 2023، وهي تهدف إلى التصدي للإكراه من خلال الوسائل الاقتصادية. ومع ذلك، لم يتم استخدامها حتى الآن على الرغم من الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة والصين. تثير تساؤلات حول ما الذي يشكل إكراهًا حقيقيًا، وما هي المعايير التي يجب استيفاؤها لتفعيل الأداة، وكيف سيتم تطبيقها عمليًا.

يأمل المراقبون أن توفر وثيقة المبادئ الخاصة بالمفوضية الأوروبية الوضوح الضروري بشأن هذه المسائل، إلا أن تحقيق التوازن بين حماية الاتحاد الأوروبي من التهديدات وتجنب الوقوع في الحمائية يمثل تحديًا كبيرًا. وتؤكد المفوضية الأوروبية على رفضها اتباع طريق الحمائية.

محطات بارزة

ماكرون في بكين: هل هو صوت الاتحاد الأوروبي؟

من المتوقع أن يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الصين يوم الثلاثاء في زيارة دولة تستمر ثلاثة أيام. وتهدف الزيارة إلى مناقشة الشراكات الثنائية بين فرنسا والصين، بالإضافة إلى العلاقات بين بكين وبروكسل. ووصف الجانب الفرنسي اللقاء المرتقب مع الرئيس شي جين بينغ بأنه “حوار استراتيجي” يهدف إلى إعادة التوازن للعلاقات الاقتصادية بين البلدين.

سيدعو ماكرون بكين إلى الانخراط في منافسة عادلة، في ظل التوترات التجارية المتزايدة. يعاني الاتحاد الأوروبي من عجز تجاري كبير مع الصين (305.8 مليار يورو في عام 2024)، بالإضافة إلى نزاعات حول صادرات المنتجات مثل لحوم الخنازير ومنتجات الألبان، والمنافسة في قطاعي التكنولوجيا والرقائق.

يشكل الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين أضرارًا جانبية للاتحاد الأوروبي. تستخدم الصين احتكارها شبه الكامل للمواد النادرة كوسيلة للضغط على المنافسين من خلال تقييد تراخيص التصدير. بالنسبة للاتحاد الأوروبي، يعد ضمان إمدادات هذه المواد النادرة أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على قطاعات رئيسية مثل صناعة السيارات.

من المتوقع أيضًا أن يناقش ماكرون دور الصين في الحرب الأوكرانية، مذكراً بموقفها كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبالالتزام بالحفاظ على السلام العالمي الذي يترتب على هذا المقعد. واتُهمت بكين بتوفير خطوط إمداد حيوية لموسكو، بما في ذلك 80% من المكونات اللازمة لتصنيع الأسلحة.

تعتبر قضية تايوان من القضايا المحتملة الأخرى التي ستطرح على بساط النقاش، في ظل التوترات القائمة بين الصين واليابان والولايات المتحدة في المنطقة. ويرى ماكرون أن أوروبا يجب أن تعامل كشريك استراتيجي من قبل بكين، ولكن السؤال المطروح هو هل ستصغي الصين؟

استطلاعات الرأي

(مساحة مخصصة لاستطلاعات الرأي)

بيانات موجزة

(مساحة مخصصة للبيانات الموجزة)

وفي الختام، من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في تقييم المخاطر الاقتصادية والاستراتيجية، وتطوير أدواته لمواجهة التحديات العالمية. وستكون مراقبة تنفيذ استراتيجيةالأمن الاقتصادي، وموقف الصين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، من الأمور الحاسمة في الفترة القادمة. كما أن تطورات المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة والصين ستشكل أيضًا جزءًا مهمًا من المشهد السياسي والاقتصادي الأوروبي.

شاركها.