شهد الأسبوع الحالي دفعة جديدة من الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية، تمثلت في قواعد أكثر صرامة بشأن اللجوء، وتسهيل عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين، وفرض عقوبات على المهربين. تأتي هذه الإجراءات في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي ضغوطًا متزايدة للحد من تدفق المهاجرين، وتعتبر تحولًا ملحوظًا في السياسات، حيث تتجاوز بعض الخطوات الحواجز التقليدية وتتماشى مع مواقف كانت في السابق حصرية للأحزاب اليمينية المتطرفة.

أعلن الاتحاد الأوروبي عن هذه الخطوات في عدة عواصم أوروبية، مع التركيز على تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء والشركاء الدوليين. تهدف هذه الإجراءات إلى تفكيك شبكات التهريب وتعزيز التعاون مع دول المنشأ والعبور، بالإضافة إلى تسريع إجراءات اللجوء وتقليل فرص بقاء المهاجرين غير النظاميين في أوروبا.

“إفلاس أعمال المهربين”

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يوم الأربعاء، أن أوروبا تعمل على تطوير نظام عقوبات صارم بالتنسيق مع دول مجموعة السبع. ويهدف هذا النظام إلى “إفلاس أعمال المهربين بكل الوسائل المتاحة”، بما في ذلك تجميد أصولهم وحظر سفرهم.

جاء هذا الإعلان خلال افتتاح المؤتمر الدولي للتحالف العالمي لمكافحة تهريب المهاجرين في بروكسل، والذي حضره أكثر من 80 وفدًا من دول الاتحاد الأوروبي وغيرها. وكانت فون دير لاين قد أشارت إلى هذه الخطوة في خطابها حول حالة الاتحاد قبل ثلاثة أشهر، حيث قدمت نظامًا جديدًا للعقوبات يستهدف بشكل خاص المهربين والمتجرين بالبشر.

وفقًا لمصادر في الاتحاد الأوروبي، ستتقدم المفوضية باقتراحات ملموسة بشأن نظام العقوبات، على الرغم من عدم تحديد الإطار الزمني لذلك بعد. وتجري المفوضية حاليًا مشاورات مع الدول الأعضاء قبل تقديم أي تدابير جديدة. وأكدت المفوضية في بيان صحفي أنها تعمل على “تجميد أصول المهربين وتقييد حريتهم في الحركة وحرمانهم من الأرباح”.

بالتزامن مع ذلك، أيد أكثر من 50 وفدًا إعلانًا مشتركًا يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: منع تهريب المهاجرين من خلال تعزيز الأطر الوطنية وتبادل المعلومات بين الدول، وتطوير بدائل للهجرة غير القانونية، وتشديد التحقيقات المالية لتتبع ومصادرة عائدات التهريب. وأكد المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة، ماغنوس برونر، أن “العمل المشترك على المستوى العالمي ضروري لوقف المهربين”.

تشديد القيود على فرص بقاء المهاجرين غير النظاميين في الاتحاد الأوروبي

بالتوازي مع جهود مكافحة التهريب، يواصل الاتحاد الأوروبي استراتيجية واضحة تهدف إلى زيادة صعوبة وصول المهاجرين غير النظاميين إلى الأراضي الأوروبية وتسهيل ترحيلهم. وقد اتفقت دول الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين، على ثلاثة تغييرات تشريعية رئيسية تحتاج إلى التفاوض مع البرلمان الأوروبي قبل الموافقة النهائية.

أحد هذه التغييرات هو “لائحة العودة”، التي تسمح للدول الأعضاء بإنشاء “مراكز العودة” في دول غير تابعة للاتحاد الأوروبي لإعادة توطين طالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم. ويمكن استخدام هذه المراكز أيضًا كمراكز عبور لاستضافة المهاجرين قبل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، وهو ما بدأت إيطاليا بتطبيقه بالفعل من خلال إنشاء مركزين في ألبانيا. ومع ذلك، يمكن أن تمثل هذه المراكز أيضًا “وجهة نهائية” إذا وافقت الدولة الثالثة على استقبال غير المواطنين مع احترام معايير حقوق الإنسان.

يهدف هذا الإجراء إلى تسريع عمليات العودة، ولكنه قد يعرض المهاجرين للخطر من خلال إرسالهم إلى دول لا تربطهم بها أي صلة. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه طالبو اللجوء مصيرًا مماثلاً في دول أخرى بموجب قانون آخر تمت الموافقة عليه يوم الاثنين.

وينص القانون الجديد على تغيير في مفهوم “الدولة الثالثة الآمنة”، مما يوسع نطاق الحالات التي يمكن فيها رفض طلب اللجوء باعتباره غير مقبول، وبالتالي السماح للدول الأعضاء بترحيل طالبي اللجوء إلى دول لا تربطهم بها أي صلة، شريطة أن يكون لدى تلك الدول اتفاقية مع دولة من الاتحاد الأوروبي وأن تحترم حقوق الإنسان. وقد يسمح هذا الإطار الحكومات الأوروبية بتنفيذ خطط مماثلة لسياسة الترحيل إلى رواندا التي ألغتها المحكمة العليا البريطانية مؤخرًا، معتبرة إياها غير قانونية.

قائمة الدول الآمنة

يتضمن القانون الثالث الذي وافقت عليه الدول الأعضاء إنشاء قائمة “دول المنشأ الآمنة” لأغراض اللجوء، وتشمل هذه القائمة كوسوفو وبنغلاديش وكولومبيا ومصر والهند والمغرب وتونس، بالإضافة إلى جميع الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باستثناء أوكرانيا. سيظل مواطنو هذه الدول يحق لهم التقدم بطلب لجوء في دول الاتحاد الأوروبي، ولكن سيتم فحص طلباتهم من خلال إجراءات سريعة.

لقد أثارت هذه الإجراءات الجديدة انتقادات من الجماعات اليسارية في البرلمان الأوروبي ومنظمات المجتمع المدني. وأعربت أوليفيا سوندبرغ دياز، المدافعة عن حقوق الهجرة واللجوء في منظمة العفو الدولية، عن قلقها بشأن المخاطر التي قد يتعرض لها المهاجرون، مشيرة إلى أن المفوضية الأوروبية نفسها قد حذرت في عام 2018 من أن أفكارًا مثل مراكز العودة أو إنشاء مراكز ترحيل خارج أوروبا قد تعرض الأشخاص لخطر الإعادة القسرية والتعذيب أو الاحتجاز التعسفي. وتساءلت دياز عن سبب اعتقاد المفوضية الآن أن هذه الأفكار يمكن أن تتوافق مع قانون الاتحاد الأوروبي ومعايير حقوق الإنسان.

وفقًا لوكالة فرونتكس، انخفضت عمليات العبور غير النظامية للحدود الأوروبية بنسبة 22٪ في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، مع انخفاضات كبيرة على الطريق من سواحل غرب إفريقيا إلى جزر الكناري، وفي منطقة البلقان الغربي، وعلى الحدود مع بيلاروسيا.

من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في مناقشة هذه الإجراءات وتعديلها في الأشهر المقبلة، مع التركيز على التفاوض مع البرلمان الأوروبي بشأن التفاصيل النهائية. وسيكون من المهم مراقبة كيفية تنفيذ هذه القوانين وتأثيرها على حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، بالإضافة إلى تقييم فعالية نظام العقوبات الجديد في تفكيك شبكات التهريب. ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الإجراءات ستؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة، ولكنها تشير إلى تحول كبير في سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي.

شاركها.